اللبابالأول
الباب الأول
أصول العلاقة مع غير المسلمين
وفيه أربعة فصول:
الفصل الأول: أسس عامة في علاقة المسلمين
الفصل الثاني: الأصل في العلاقة بالأمم السلم أم
الفصل الغالث: حقيقة العلاقة بالأمم الأخرى.
الفصل الرابع: حقوق غير المسلمين وواجباتهم في
دار الإسلام ٠
التعامل مع غير للسلمين أصول معاملتهم واستعمالهم م
الفصل الأول
وقد جعل الله الخبر كله في هذا الإسلام» وكل ش روباطل وضرر فالإسلام
منه براء» وأقام الله هذا الدين على أسس وقواعد وأركان ميزته عن سائر الملل
والأديان والمذاهب.
وفي هذه الفصل نذكر من هذه الأسس ما يتصل بموضوعنا وهو أصول
المعاملة مع غير المسلمين؛ نذكر هذه الأسس علها تمهد لنا الطريق لمعرفة نوع
لمقاطعة والمفاصلة؛ أم على السلم والتسامح واللين والتعاون» أم أن ثمة تفصيلاً
في هذه القضايا .
ولا شك أنها أمور جد مهمة» وبيانها ضروري؛ فالإسلام الذي لم يغادر
سيكون له أثره في إصدار معظم الأحكام التالية حول الاستعمال والاستعانة
لهذا كان لابد من عرض أهم الأسس والقواعد التي تقوم عليها علاقة
)0( سورة آية )١(
.0 التعامل مع غير المسلمين أصول معاملتهم واستعمالهم
وأهم الأسس - فيما أرى - هي :
-١ سماحة الإسلام ومظاهر الإنسانية فيه.
"- الإسلام دين خاتم عالمي ٠
©*- العدل .
؟- الوفاء بالعهود والمواثيق .
+ منع الفساد في الأرض -٠
+- منع موالاة الكفار .
-١ القاعدة في معاملة الكافر وتوثيقه وقبول خبره.
ولابد من وقفة عند هذه الأسس والقواعده لنعرف أدلتها وأهميتها ولو
بإيجاز» فدونكها في هذه المباحث :
ا مبحث الأول
سماحة الإسلام. ومظاهرالإنسانية فيه
الإسلام دين اليسر ورفع الحرج والمشقة؛ فلا عسر فيه ولا أغلال ولا
سار
وهذه ميزة للإسلام خاصة لا يشاركه فيها دين آخر» وقد كانت الأمم
السابقة تكلف بتكاليف عسيرة؛ وفرض عليها فرائض شديدة؛ وربما يحظر عليها
بعض المباحات والطيبات» وهذا ليس لأنه طبع الدين المنزل من عند الله وإنما
لأن بعض الأمم كانت مطبوعة على العناد والشكوك وكثرة السؤال-
الأمة الوسط - فبما رحمة من الله سمعت وأطاعت واستجابت لكل ما طلب
منهاء فخفف الله عنهاء ووضع عنها الآصار والأغلال التي كانت على الأمم
ويقول رسول الله :دعو ما تركتكي إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم
+ )44( سورة الكهف آية )١(
+ )110( (؟) سورة النساء آية
التعامل مع غير السلمين أصول معاء
وانطلاقاً من هذه القاعدة...فقد شمل الإسلام بيسره ورفقه الناس حتى
غير المسلمين؛ فتسامح معهم في كثير من القضايا والأحكام؛ ومنحهم كثراً من
الحقوق» حتى أصبحت هذه الأمور قضايا إنسانية عامة؛ وكل هذا بسبب رحمة
رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم وافوام؛ فبها يتعاطفون» وبها يتراحموت؛ وبما تعطف
الوحش على ولدهاء وأخر الله تسعة وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة””" .
وفي المطالب الآ
غير المسلمين.
المطلب الأول: مشروعية الرحمة العامة :
من أسماء الله تعالى الحسنى الرحمن» الرحيم ومن صفاتة: : الرافق» والرحة»
ن -باختصار - أهم جوانب التسامح وصوره مع
)١( متفق عليه واللفظ للبخاري: (صحيح البخاري - الاعتصام الباب 7؛ برقم 7188 (لصحيح
مسلم -كتاب الحج برقم 1777)
99 رواه أحمد عن عائشة (113/3)؛ قال الحافظ في الفتح (44/1) (إسناده حسن)؛ وروى البخاري
في صحبحه تعليقاً أحب.الدين إلى الله الحنيفية السمحة -كتاب الإيمان الباب 74 ورواه مسنداً في
الآدب المفرد بلفظ أسثل الني 8 أي الأديان أحب إلى الله عز وجل ؟ قال: الحنيفية السمحة
الحديث رقم 187 -
© رواه مسلم عن أبي هريرة (لصحيح مسلم -التوبة برقم1707) وزواه أحمد في مسنده 8717/4
وروى نحوه البخاري في صحيحه - الأدب الباب ١٠8 برقم 3006
ومن هنا...حض الإسلام على رحمة الناس والرأفة بهم؛ وجاءت
النصوص الكثيرة حول هذاء ومنها:
-قوله 8 : لا يرحم الله من لا يرحم الناس”"" .
-وعن أبي هريرة فد عن الني 8 أنه قال ثمن لا يرحم لا يرحم”" .
-قال في الفتح عند الحديث الأخير: قال ابن بطال *': فيه الحض على
استعمال الرحمة لجميع الخلق؛ فيدخل المؤمن والكافر والبهائم» المملوك منها
وغير الملول"
هذه الرحمة ظاهر» فإن وجود معنى الحيوانية في الشيء سواء كان إنسانا أم
في كل ذات كبد رطبة أجر”"" » ودواعي الرحمة في الإنسان آكد منه في الحيوان.
ثم إن وجود الكفر أو الفسوق أو العصيان في شخص ما أمر يدعو للرحمة
والتأسف» لأنه مبتلى» والمبتلى لا ينبغي تعنيفه أو إظهار التعالي عليه؛ بل إن
(1) متفق عليه من حديث جرير بن عبدالله واللفظ للبخاري ( صحيح البخاري - كتاب التوحيد
الباب 7 برقم 77777 وصحيح مسلم - كتاب الفضائل » برقم 1718
© رواه البخاري: كتاب الأدب (الباب 18 الحديث رقم 9441)»؛ ومسلم (الفضائل 7718)
(4) ابن بطال: هو علي بن خلف بن عبدالملك بن بطال المغربي المالكي المعروف بابن اللجام؛ محدث
مشهورء شرح الجامع الصحيح للبخاري» توفي سنة 44 4ه (سير أعلام النبلاء 47/18
(ه) فتح الباري 440/٠١ +
(7) متفق عليه عن أبي هريرة (البخاري الأدب الباب 1004/17؛ ومسلم السلام 7344 ءواللفظ
للبخاري
)ل 6« التعامل مع غير السلمين أصول معاملتهم واستعمالهمٍ
على المسلم المعافى» أن يحمد ربه على العافية؛ ويرحم هذا المبتلى؛ بتوجيه
النصح إليه؛ ودعوته إلى طريق الحق بالأسلوب المناسب .
فقد روى الإمام الترمذي عن عمر #؛ أن رسول الله #8 قال: من رأى
بد الحال إن زرقاق تفسده نت قز قوله سبيحائفة ج قَكَلّكَ
فالسلم ولا سيما الداعية إلى الله - يرحم الناس ويهتم بيسمه لكن لا
ينبغي أن تصل به هذه الرحمة وهذه الاهتمام إلى حد الأسى وتعذيب النفس
ورسول الله 8 -المبعوث رحمة للعالمين- بالرغم مما كان يعانيه في سبيل
الله من المشقة والجهد والتحدي -قال لما طلب منه أن يدعو على المشركين: أي لم
أبعث لعاناء وإنما بعثت رحمةا* .
)١( قال في نحفة الأحوذي: ثمن رأى صاحب بلاء أي مبتلى في أمر بدني كبرص وقصر فاحش أو
طول مفرط أو عمى أو عوج أو اعوجاج يد ونحوهاء أو ديني بنحو فسق وظلم وبدعة وكفر
وغيرها 4/ 748 مطبعة الاعتماد
() سنن الترمذي 5/ 447؛ وقال الترمذي حديث غريب» ورواه ابن ماجة كذلك باختلاف يسبر عن
أبن عمر ص »178٠ 'وائظر: موطأ مالك ص 1٠١ وقد رمز له السيوطي بالحسن (الجامع
الصغير 7/ 307)؛ وانظر: 'سلسلة الأحاديث الصحيحة للالباني الحديث رقم 367 +
(4) سورة فاط آية (4) .
(8) رواه مسلم (كتاب البر والصلة 1988).
التعامل مع غير السلمين أصول معاملتهم واستعمالهم ىه
آلْكُمَار» !0 حيث وصف الله محمداً وصحبه بانهم اشداء على الكفار غلاظ
عليهم» وهذا يتنافى مع الرحمة ؟
بد أن يكون المسلمون اشداء عليهم - جزاء وفاقاً- وهو المقصبود - وَللهأعلم
- ري عر ىر اوضع رط و كو اند مش 5 1
أشداء عليهم هم من جاءت أوصافهم في قوهم سبحانه: « إن َ
وتلك الأوصاف هي: مقاتلة المسلمين وفتنتهم عن دينهم والاعتيناء عل
إن الشدة لا تتنافى مع الرحمة كما قيل:
(7) سورة الممتحنة آية 08010 4) تمسماافر. (
فإن هذه الشدة من أجل مصلحة الإنسان نفسه.
أما من أبدى تعاطفاً وسلماً سواء أكان له عهد أم لا» فالمشروع في حقه
نا توك عَلى آله '""؛ والعلم عند الله تعالى .
المطلب الثاني: مشروعية البر والإحسان إلى المسالمين:
بحث الإسلام على البر والإحسان وبذل المعروف والنصح لجميع الناس
إلامن حارب الله ورسوله وتربص بالمسلمين الدوائر» وهم من يسمون
والعطف عليهم؛ ما داموا مساوم الول الذمة وأهل الأمان ونحوهم ٠
() سورة الأنفال» آية (31) +
سورة الممتحنة؛ آية 50 )4