جده حياتك بعد الأربعين
الحمد لله رب العالمين؛ والصلاة والسلام على سبدنا محمد وآله
فإن الله تبارك وتعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم ؛ وفضله على كثير
الكهولة؛ إلى طور الضعف ؛ ومصداق هذا قوله 38: الله الي خَلَقَكُمِ
يَخْلُ ما يشا وعُوَ لعل ين هرم ولكل مرحلة من تلك
المراحل خاصيتها وأهميتها في حياة
وهذه الرسالة تتحدث عن غُمْرٍ محدد في حياة الإنسان؛ ومرحلة في
غاية من الأهمية ؛ وهي مرحلة ما بعد الأربعين؛ حيث يتصور كثيرمن
الناس أنهم قد وصلوا إلى خريف العمر» وأنهم قد غادروا ربيع الشباب»
يصاب معها بجملة من الأمراض النفسية ؛ مثل الإحباط والبأس؛ وفَقّد
الرغبة في العمل والعطاء ؛ والانكفاء على الذات» والتقليل من الخلطة إلى
حد قريب من العزلة ؛ وهذا أمر موجودٌ سارٍ في طبقات من الناس؛ على
تسود ل
جدد حياتك بعد الأربعين
وهذه الرسالة ووضعت لمناقشة هذه
القضية ؛ وببان أن العمر الذهبي
للإنسان من حيث العطاء والمشاركة في قضايا المجتمع إنماهوما بعد
الأربعين؛ وللإجابة على الأسئلة المتنوعة التي يألا كثير من الناس
-بلسان الحال أو المقال- حول هذه القضية؛ ووضع خطوات عملية
لتجديد حياة | * ومساره إذا بلغ هذا العمر؛ مع ذكر أمثلة مضيئة لمن
التقديم والعطاء ؛ وأنه مثله كمثل النخلة كلما قدم غرسها جاد عطاؤهاء
يلقى الله تعالى؛ مهما تقدم به العمر؛ وبلغت به السن ؛ ومصداق هذا
)١( قد وضع الشيخ محمد الغزالي -رحمه الله- رسالة قد بعنوان «جدد حياتك»؛ قارن
التي كتبنها تف كلية -تقربًا- عما وضعه الشيخ الفاضل وأراده فلا تكرار هاهناء
لسللسسسسسسمر (-)' سس
جدد حيائك بعد الأريعين
والله تعالى أسأل أن يبارك في أعمارناء ويجعلها نافعة؛ معسورة
اللهم وسلم على سيدنا محمد النبي الأمين+؛ خير من جاز الأربعين؛
محمد موسى الشريف
البريد الالكتروني : 20100.6001/ 01012/11206619
الموقع على الشبكة : 110100.2163/68/01.6007
)١( هذه الرسالة موجزة؛ ووجازتها بسبب تخصص موضوعها؛ وندرة من كتب فيه ؛ هذا
وليس يقاس المحتوى بعدد الصفحات ؛ فقد لامني عدد من الإخوة لما رأسى رسالة «التوريث
الدعوي» وكان منشأ اللوم هو قلة عدد صفحاتها ١! ورسالة «التوريث» تحوي معنى دقيقاً؛
والله أعلم.
حقائق ينبغي أن تعرف
حقائق ينبغي أن تُعرف
هناك جملة من الحقائق مهمة متعلقة بهذه المرحلة العمرية ؛ مرحلة ما
بعد الأربعين» إن عرفها المرء أقبل على تجديد حيانه بقوة ونشاط؛ ولم
أولاً: هي مرحلة بلوغ اده
وذلك أن الله تبارك وتعالى سماها كذلك؛ فقال جل من قائل : (ححَّى
بأن الله تعالى أكد وفسر الأَسُدٌّ بقوله سبحانه
حتَى ذا بَلَم سد وبل يَعِينَ تق ؛ وإنما ذكر تعالى الأربعين
ذا هذه المرحلة الزمنية التي يظنها بعض الناس مرحلة التدرج من القوة
إلى الضعف ؛ وأنها بداية التقهقر والانحدار؛ هذه المرحلة التي يظنها بض
الناس كذلك إنما هي المرحلة الذهبية للعطاء الثريٌ؛ والعمل الجاد؛ وقلب
1148 017817 /17 انظر: المحرر الوجيزه لابن عطية: )١(
حقائق ينبغي أن تعرف
الخبرة والتجارب إلى واقع معاش في دنيا الناس ؛ وهي مرحلة اكتمال
الخلال» والنظر إلى الأمور نظرة روي ؛ لا اندفاع فيها ولا هوج ؛ فهي إذا
مرحلة متميزة جدًا في حياة المرء.
وكثير ممن جاز الأربعين لم يفهم هذا ؛ فتثقل حركته؛ وتقعد همته»
وتبطئ به آماله ؛ وتتضخم آلامه ؛ وتكثر شكاواه؛ وليس السبب في هذا
إلا التوهم بأنه لم يعد يستطيع فعل شيء مؤثر ؛ وأن أيامه قد أصبحت
! والله تبارك وتعالى أمر عباده بالجد والاجتهاد حتى الممات؛
وَاعَبْدْ رَبك ) الحجر :0144 والنبي فل
وترف
قال : «إذا قامت القيامة وبيد أحدكم فسيلة فليغرسهاء'"! وهذا من عظمة
الإسلام ؛ إذ لا يمكن لنبتة عُرست ساعة القيامة أن يأكل من نتاجها أحدء
أو أن تبقى ليكون لها نتاج ؛ لكن الإسلام العظيم يحب لأتباعه أن يظلوا
عاملين مجتهدين حتى آخر رمق منهم أو من الدنيا!
الله : أنت قد بلغت هذا المبلغ؛ وأنت إمام المسلمين؟ يعني يتعجب من
والقسيلة: النخلة الصغيرة؛ انظر: مسند الإمام أحمد؛ تحقيق الشيخ شعيب
(7) إمام من أئمة المسلمين المجتهدين أصحاب المذاهب؛ توفي ببغداد سئة 141ه؛ رحمة
الله؛ وسيرته مشهورة عطرة. انظر؛ «سير أعلام التبلاء»: 11/ 01197 :8/8 .
لببسسسسور سي
المحبرة إلى المقبرة»”",
دمع
ثانيًا: هي مرحلة تغير القناعات والأفكار كليّا أو جزيًا:
وذلك أن الإنسان يمر بمراحل من عمره قبل الأريعين؛ تعظم فيها فورة
عليها بالنواجذ! ثم إنه لا يلبث إذا جاز الأربعين أن يفكر في كل ما اقشع
به أو بعضه ؛ ويعيد النظر فيه ؛ ويقلب فيه وجوه الرأي ؛ ويفحصه ويتدبر
وما كان يظنه بالأمس حتمًا لا مجال للتفكير فيه ولا للنظر إذا به اليوم
وهذا التراجع لا يكون -عادة- في باب العقائد؛ إنما يحصل في الأفكار
وفكر اجتهادي؛ ونحل تلاقح الأفكار, واختلاف الأنظار, وهذا أمر لا
عيب فيه ؛ بشرط ألا يؤدي إلى تعطل عن العمل ؛ وقعود عن المعالي +
)١( «أحمد بن حنبل إمام أهل السنة»: الأستاذ عبد التي الدقر؛ 47.
(1) «النبذ في آداب طلب العلمة: 14
واستمراء للكسل ؛ وذلك أن بعض من يرجع عن شيء ما كان عليه أو
كله.. قد يحصل له من البلبلة والتراجع في الأعمال ما ينغص عليه حياته ؛
من يمر بهذه المرحلة -مرحلة المراجعة- الآتي ؛ والله أعلم:
١ - معرفة أن المراجعة أمر حميد ليس بمعيب؛ وقد يؤدي إلى تغيرمسار
حياة المرء إلى الأفضل ؛ إن أحكم مراجعته وأنقنها؛ ودقق في شأنه وحاله.
- التأني وتقليب وجوه النظر فيما يراجع فيه نفسه ؛ فالعجلة في هذه
* - ليت المراجع لنفسه يُكثر من الاستخارة والاستشارة قبل أن يعزم على
تغيير جذريّ مجرى حيانه ؛ حتى لا يندم بعد ذلك» والنبي #8 كان
يعلم أصحابه الاستخارة كما يعلمهم السورة من القرآن العظيم!"»
؛ - لا تعني المراجعة التراجع ؛ إذربما غير الواحد منَّا قناعاته وأفكاره
لكن إلى الأفضل والأحسن ؛ وبمعنى آخر بالاستمساك أكثر بما كان
فليست إذَا كل مراجعة تراجمًا.
)١( أخرجه الإمام البخاري -رحم الله- في صحيحه؛ بسنده عن جابر فلله؛ كتاب
التهجدء باب : ما جاء في التطوع مثشى مثنى.
حقائق ينبغي ان تعرف
٠ - قد يمر المرء بحادثة؛ أو يساء التصرف معه؛ فيجمل ذلك ذريعة
للمراجعة أو التراجع » وهذا مما لا ينبغي » فالأجدر بالمرء أن تحصل
له المراجعة وهو مطمئن النفس » غير غضبان ولا قلق» إذهو اليوم
يفصل بين أفكاره وهو غضبان قلق ؛ فهذا ليس من الإنصاف في
ثالًّا: هي مرحلة لبا خصائصها التي لا تعني بالضرورة الضعف
بعض الناس ممن بلغ الأربعين يظن أنه قد وضع قدمه على بساط
الضعف! وأسلم نفسه لعجلة التراجع + وأنه ابتدأ في الانحطاط » وأخذ في
التدني ! وهذا كله وهم كبير؛ وسوء تقدير وضعف في التصور ؛ ذلك أن
لكل مرحلة من مراحل العمر خصائصها التي هي ألصق بها من غيرها؛
وقد قسم العلماء قدا حياة المرء إلى مرحلتين ؛ مرحلة الطلب وحدُوها
بالأريعين؛ ومرحلة العطاء وهي بعد الأربعين» ولا يعني ذلك أنه لا عطاء
قبل الأريعين ولا طلب بعدها ؛ لكن المراد هو أن الطلب غالب على حال
المرء قبل الأريعين» والعطاء غالب على شأنه بعد الأربعين؛ الطلب يراد به
طلب العلم وطلب التأسيس الإيماني والثقاني والأخلاقي.. إلى آخرما
هنالك؛ أما مدة العطاء الذهبية فهي بعد الأربعين ؛ حيث تعظم معارف
حقائق ينبغي أن تعرف
وترتقي مداركه» فإذا كان الأمر كذلك.. فلِمَ القلق من هذه المرحلة الزمنية
وينبغي أن يعلم المرء الذي جاز الأريعين أنه مُقّدِمٌ على خيرأيامه
وأحسنها وأفضلها من حيث العطاء وإفادة الناس» والمشاركة بقوة
الارتقاء بالأمة إلى الأفضل والأحسن.
وقد يقول قائل : إلى متى يستمر هذا العطاء؟
ولكن ينبغي أن يُعلم أن أمام المرء عشرين سنة تقريبًا تمشل قمة عطائه
وهي من الأربعين إلى الستين؛ لكن ليحذر فهي ليست طويلة وعليه أن
يستغلها الاستغلال الأمثل ؛ وهذا في ضوء حديث النبي 8ة: «عمرأمتي
من ستين سنة إلى سبعين""".
ولا يعني هذا أنه لا عطاء بعد الستين؛ لكني أعني أن مرحلة العطاء
على فوته وأيامه ؛ من شيخوخة أو مرض أو غير ذلك؛ هذا وقد تغلب
)١( الحديث أخرجه الإمام الترمذي في سننه : أبواب الزهد: باب ما جاء في أعمار هذه الأمة
ما بين الستين إلى سبعين؛ والحديث حسنٌ كما بين الحافظ اين حجر والحديث محمول
على غالب الناس إذمن الناس من يجوز السبعين؛ ومنهم من يموت قبل الستين» لكن
الغالب هو ما بين الستين إلى السبعين.
توه ...ل