الدكتوراه من حيث الحجم؛ ولم يطل بي البحث كثير؛ فقد قدم فضيلة
شيخي المشرف الدكتور/ أكرم العمري جزاه الله خيراً - خدمة جليلة
لطلبة العلم» وذلك بما كتبه عن الخطيب ومصنفاته في مقدمة كتابه
موارد الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد.
وقد وقع اختياري على كتاب «الفصل للوصل المدرج في النقل»
وذلك للأسباب التالية:
-١ مكانة المؤلف رحمه الله العلمية.
الغزيرة في فته.
<- ولأنه الكتاب الوحيد في فنه فيما أعلم باستثناء كتاب الحافظ ابن
حجر «تقريب المنهج .© وهو مفقود؛ وكتاب السيوطي وهو مختصر جدا.
لهذه الأسباب كلها وقع اختياري على هذا الكتاب لهذا العالم
الجهبذ؛ وقد بذلت جهدي في خدمة هذا الكتاب محقيقًا ودراسة وإنني
الأول: عن المدرج وأنواعه وحكمه ومهدت لذلك بدعوة إلى إحياء
المنهج النقدي عند المحدثين.
الثاني: تضمن ترجمة موجزة جد عن المؤلف؛ ودراسة عن الكتاب
وفي الختام أنقدر يخالص الشكر والتقدير لشيخي وأستاذي الجليل
الدكتور أكرم ضياء العمَرِي - حفظه الله ووفقه - فقد كان مريبًا وموجهاً
منذ عرفته في السنة المنهجية في الماجستير ثم إشرافه علي في الماجستير
والدكتوراه؛ فجزاه الله عني خير الجزاء.
كما أنقدم بالشكر والدعاء لكل من ساعدني أو قدم لي خدمة في
أثناء عملي في هذا الكتاب وعلى رأس هؤلاء فضيلة شيخنا الجليل أي
عبد الباري حماد بن محمد الأنصاري - حفظه الله -.
دعوة إلى إحياء المنهج النقدى
عند المحدثين
قد ختم الله رسله وأنبياء؛ بمحمد رسول الله مه كما ختم برسالته
جميع الرسالات السماوية» وأنزل عليه القرآن الكريم الذي لايأنيه الباطل
من بين يديه ولا من خلفه وجعله منهج حياة ومشعل هدى للناس منذ
المطهرة التي هي المبينة للقرآن والمفصلة لما أجمل فيه.
وقد تكفل الله تعالى بحفظ كتابه فقال عز وجل : لإا نَحْنْ نَزلْنَا
كما وفق بمنه وفضله أئمة الهدى وقدوة الأنام من الصحابة الكرام
وتابعيهم بإحسان بمن جاء بعدهم من أهل السنة والجماعة لخدمة السنة
الكذب عن رسول الله # وبيان الصحيح من السقيم مما ينسب إليه من
وقعدوا لذلك قواعد لنقد الأسانيد والمتون وفق منهج علمي دقيق
لامثيل له عند الأنم الأخرى.
إن هذا المنهج المتفرد الذي لم يكن لأمة من الأم قبل أمة محمد نه
هذا المنهج العلمي الدقيق قد شرق به أعداء هذه الأمة من اليهود
فذهبوا يطعنون على هذه الأمة في دينها وفي عقيدتها وأخيراً في منهج
خير القرون في تلقي السنة النبوية المطهرة قاصدين بذلك النيل من هذا
محدد دقيق في نقد متون الحديث إذ جدهم يروون أحاديث في كتبهم
وبتناقلونها فيما بينهم وهي إما تتعارض مع الواقع وتتعارض مع العقل أو
تتعارض مع نصوص أخرى ... إلى غير ذلك من الاعتراضات التي سودوا
وهذه المقالة التي رددها في هذا العصر المستشرقون من اليهود
والنصارى وعلى رأسهم شيخهم وإمامهم جولد تسهير المستشرق امجري
وقلدهم في ذلك أذنابهم من أبناء جلدتنا الذين تريوا في أحضان
عقيدتنا ويطعنوا في منهج خير القرون.
هي دسيسة يهودية قديمة قدم الصراع بين هذه الرسالة الخاتمة وأعدائها
من اليهود والنصارى والمجوس» فاليهود حملوا راية العداء لهذا الدين منذ
فجره الأول فشككوا في رسالة محمد تنه وأثاروا الشبه الباطلة حول رسالته.
لما انتشر الإسلام وتوسعت الفتوحات الإسلامية في عهد الخلفاء
الدين الحنيف فأخذوا يحيكون الدساءس والفتن للإسلام وأهله وعلى
أيديهم نشأت الرافضة والخوارج والجهمية والمعتزلة وغيرهم من الفرق
فالروافض والخوارج من نتاج فتنة ابن سبأً اليهودي إذ هو مؤمسس
مذهب الرفض وكانت فتنته سبب في ظهور الخوارج المعارضين له
ولأتباعه؛ والجهمية والمعتزلة وغيرهم من الفرق الكلامية وليدة سلسلة
التعطيل الجهم بن صفوان عن الجعد بن درهم عن طالوت اليهودي عن
خاله لبيد بن الأعصم اليهودي السامري.
فهذه الفرق يجمعها قاسم مشترك ألا وهو محكيم عقولهم في دين الله
وعبادتها من دون الله عز وجل .
متلا نا
ومنهج خير القرون في النقد - سند ومعنًا - مرتبط ارتباطاً وثيقًا
بمنهجهم في العقيدة.
ومن أصول منهجهم في العقيدة الإيمان بأن القرآن كلام الله - عز
وجل - نزل به الروح الأمين على رسول الله محمد #ه.
ومن أصولهم الاعتقاد بأن رسول الله جه معصوم في أقواله وأفعاله»
ويعتقدون أن الله قد أجرى على يدي نبيه نه بعض المعجزات وخوارق
العادات» بل ومن أصول اعتقاد خير القرون أن العقل ليس له الوصاية على
شرع الله بل هو تبع للشرع خاضع له.
ولايمكن أن يعارض الشرع الصحيح الثايت عن الله ورسوله العقل
أما المستشرقون من اليهود والنصارى فهم ابتداءً ينكرون نبوة محمد
ومن هنا جاء نقد المستشرقين لمناهج أئمة الحديث؛ وقولهم لقد توسع
علماء الحديث في نقد أسانيد الأحاديث وأهملوا متونها.
ومن ثم جاء اعتقاد المستشرقين بأن كل حديث يخالف عقولهم غير
)١( انظر ما كتبه ابن تيمية - رحمه الله - في كتابه درء تعارض العقل والنقل»
ولايضبطها ضابط والغريب أن هؤلاء المستشرقين - يهود ونصارى -
يؤمنون بخرافات وأوهام لايقبلها دين ولاعقل.
وليس هذا مجال الحديث عن تناقضات المستشرقين؛ فقد كفانا في
التشريع الإسلامي وكتاب الاستشراق والمستشرقون؛ وكذلك الدكتور
مصطفى الأعظمي في كتابه؛ دراسات في الحديث النبوي» وكتاب منهج
ومن هذا أي انطلق فلول المعنزلة وتلامذة المستشرقين يرددون قولهم»
يجب تقديم العقل على النقل - أي الحديث النبوي الذي ثبتت صحته -
عند التعارض وبشكل أكثر وضوحًاء يجب تقديم أهوائهم ويدعهم على
ماصح من حديث رسول الله 4#
والقضية من أساسها ليست قضية توسع في نقد أسانيد الأحاديث
وإهمال لنقد متونهاء
وإنما هي قضية العقيدة الإسلامية التي شرق بها أعداؤها من يهود
ونصارى ومجوس ومن أستن بسنتهم من أبناء جلدتنا.
القضية تكمن في تقديس المستشرقين وفلول المعتزلة المعاصرين للعقل
أما خير القرون من أهل السنة والجماعة فلم يجعلوا لعقولهم الوصاية
فعل أهل الكلام من جهمية ومعتزلة وغيرهم.
منهج النقد عند المحدثين:
لقد توسع علماء الحديث في نقد الأسانيد حقّاء وهذه مفخرة من
مفاخر ديننا: وميزة امتاز بها المسلمون عن غيرهم من الأم حتى شهد
بذلك الأعداء قبل الأصدقاء؛ ولكن دعوى تقصيرهم في نقد المتون أو
عدم التوسع فيهاء هذه دعوى يعوزها الدليل؛ ولعلي آتي بعد قليل على
ذكر إشارات ونماذج لجهود المحدثين وغيرهم في هذا المجال على قدر
مايسمح به المجال في هذه العجالة؛ وإلا فالموضوع أوسع من ذلك" +
وقد كتب فى منهج نقد المتون عند المحدثين كل من:
-١ الدكتور نور الدين عتر في كتابه «منهج النقد في علوم الحديث».
؟- الدكتور مصطفى الأعظمي في كتابه «منهج النقد عند
-٠ الدكتور مسفر غرام الله الدمييني في كتابه «مقاييس نقد المتون
؛- الدكتور محمود الطحان في رسالة صغيرة بعنوان «عناية المحدثين
بمتن الحديث كعنايتهم بإسناده» .
)١( انظر ما كتبه الدكتور أكرم العمري في مقدمة كتابه المجتمع المدني - الجهاد ضاد
المشركين - ص 4 - ١١ - ففيه أمثلة لعناية المحدلين ينقد المتون.
وغيرهم كتب في هذا الموضوع ولم يتيسر لي الإطلاع عليه.
المؤلفين» قد تكون عند بعضهم أوضح منها عند البعض الآخر ومن هذه
أولا:عدم ربط هذا النقد الموجه إلى منهج المحدثين بدافعه الحقيقي عند
هؤلاء المنتقدين؛ وهو الطعن على عقيدة خير القرون - أهل السنة
والجماعة - والمراد من ذلك الطعن في هذا الدين الذي اختاره الله أن
يكون دين البشرية إلى يوم الدين.
فالقضية ليست في قصور المنهج العلمي عند المحدثين أو عدم وضوحه
ومعرفة هذا الدافع لايكلف اكتشافه أكثر من الإطلاع على ماكتبوه في
هذا لمجال أوغيره» وخصوص) كتابتهم في السيرة والتاريخ الإسلامي وعلى
وجه أخص تاريخ الفرق والطوائف.
ثانيا: عدم ربط هذا النقد بجذوره التاريخية؛ فهذه الشبه التي يثيرها
بالإطلاع على كتاب «الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم» لأبي
عبد الله محمد بن إبراهيم الوزير اليماني المتوفي سنة *44ه؛ بل عليه
بالإطلاع على أصله الكبير «العواصم والقواصم» وكذلك كتابه «إيثار
الحق على الخلق».
فما أثاره المستشرقون وأنباعهم من فلول المعتزلة المعاصرين حول روايات