علمية؛ وحرص على بيان الحقيقة بالدليل الشرعي» والمنافحة عن دين الله
تعالى والالتزام بالمنهج العلمي في التأصيل والتدوين .
ملاحظات مختلفة؛ بعضها في تقييم بعض الأحاديث وبيان درجة صحتهاء
وبعضها في تعليق وشرح ابن
الملاحظات» وميزتها عن عملي بذكر اسمه في نهايتها؛ عقب سردها في
وهكذا فقد تميزت هذه الطبعة بمزيد من التنقيح والتصحيح» رتعدد
النظر والرؤى» وأسأل الله تعالى أن ينفع بهذا الكتاب طلبة العلم والباحثين
ولله الحمد في الأولى والآخرة.
الدوحة في 15/ ذو القعدة 1418ه
رحمه الله تعالى وقد أدرجت هذه
/مححام
مدعي لين لضم
بيب شلال
١ قَاللبعَ الأول
عبده ورسوله بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق
فإن الوحي الذي تنزل على الرسول الخاتم لم يقتصر على النص
المعجز المتعبد بتلاوته (القرآن الكريم) بل شمل كذلك ما روي عن
الرسول كي في السنة من قول أو عمل أو تقرير أو صفة.
وقد شهد القرآن الكريم بشمول الوحي لمصدري التشريع كليهما -
القرآن الكريم والسنة الشريفة - بقوله تعالى:
كن بلع
كما أكد الرسول كه هذا المعنى بقوا
00 عمران: الآية 3١
00 اء: الآية ع8
فبالإضافة إلى أن السنة صنو القرآن الكريم من حيث الدلالة؛ فهي
كذلك شارحة لقواعده العامة ومفصلة لمجمله؛ ا التطايدة قال + تعالي
جزء لا يتجزأ من كمال الرسالة وتمامها.
ولم تكن هذه الحقيقة موضع خلاف بين الصحابة رضي الله عنهم؛
تدوين السنة في عهد النبي كِلة:
ولكن السنة لم تدون في حياة النبي كي خشية اختلاطها بالقرآن
الكريم كما هو معروف من نهي الرسول كي وكذلك بقي الأمر على هذا
الحال في عهد الصحابة رضي الله عنهم إلا من استثناءات خاصة لبعض
بالإضافة إلى أن منهج الاستيثاق وضعت معالمه في وقت مبكر حين جمع
كتاب الله تعالى في عهد الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه ثم في عهد
عثمان رضي الله عنه؛ وكان لا بد من شهادة اثنين من الصحابة على الأقل
حتى يتم تدوين الآية في موضعها من القرآن الكريم» وقد انسحب هذا
الشرط على قبول الحديث أيضاً؛ فلم يقبل حديث من راوٍ ما لم يتوفر له
شاهد أو أكثر» وقد تورع كثير من الصحابة عن رواية الحديث ما لم يكونوا
على يقين تام مما ينقلون» حيث أن أمر حفظ السنة وتناقل روايات الحديث
تدوين السنة بعد جيل الصحابة:
ولما بدأ جيل الصحابة يتناقص وامتد الإسلام إلى شعوب وأمم
أخرى» وكانت الأحاديث تتناقل شفاهة بشروطها التوثيقية. شعر المسلمون
بضرورة تدوين السئة كاملة؛ وبذل علماء السنة جزاهم الله خيراً جهوداً
محمودة في تدوينها؛ ووضعت علوم متعددة لتنقية السنة من الشوائب التي
ابتدعها أصحاب الأهواء والنحل الباطلة» وكان الأساس في تدوين السنة
منهج الاستيثاق الذي اعتمده الصحابة رضي الله عنهم في وقت مبكر بعد
أن طوروه إلى الصورة التي جعلت منه خير منهج علمي موضوعي يمكن أن
يتوافر عليه بشرء حتى أننا لا نعهد في التاريخ العالمي نبياً أو عظيماً بذل
في سبيل تحقيق منطوق كلامه وما روي عن أحواله وسيرته بشكل عام ما
توفر للرسول الخاتم عليه الصلاة والسلام. ولا غرابة في ذلك فإن من
لوازم الرسالة الخاتمة وصولها نصاً سليماً وبياناً صحيحاً كثمرة للحفظ
من السلامة والدقة.
ولا شك أن من نعم الله تعالى على هذه الأمة أن كان ظهور الفتئة
فيها مترافقاً مع وجود جيل الأصحاب - حفظة الحديث - المشهود لهم من
رسول اللهء الأمر الذي أدى إلى تدوين وتوثيق السنة بحيث تحققت درجة
وهكذا لم يختلف جمهور علماء الأمة عى وجوب الأخذ بالسنة
اتجاه علماء السنة في عملية التدوين ودفع الشبه:
وقد اتجه علماء السنة في بنائهم لصرحها اتجاهين واضحين لا يغني
أحدهما عن الآخر: الأول في تدوين السنة الصحيحة بإسنادهاء والثاني دقع
الشبه والأهواء الباطلة وبيان وجه الحقيقة في ذلك.
ويمكن أن يصنف هذا الكتاب «تأول مختلف الحديث» هذ
المجموعة الثانية في الدفاع عن السنة؛ ويتميز بأنه عرض الشبه التي أثي
حول تناقض بعض الأحاديث فيما بينها؛ أومعارضتها لآيات في كتاب الله
تعالى» أو خروجها عن منطق العقل ومبادئ الفكر المتعارف عليهاء أو
مخالفتها لمألوف الناس ومعروفهم» أو لسنن الطبيعة وقوانينها العلمية. تلك
الشبه التي أثارها المخالفون» الأمر الذي حملهم على إسقاط بعض
الأحاديث وتعطيلها .
ولقد كان عمل المؤلف رحمه الله بيان الحقيقة بالأدلة العلمية؛ وتفنيد
المزاعم وكشف قصور الفهم بالملابسات المرافقة لورود النص. .
ويعتبر هذا الكتاب إضافة إلى كتب أخرى في الموضوع نفسه -
الحق أفهام. وهي على كل حال سجل تاريخي يغني ويثري الفكر
الإسلامي؛ ويعين على التمسك بالنافع الصالح» كما يِبصّر بالمزالق
وسنفصل فيما يلي أسباب الاختلاف في اعتبار السنة المصدر
التشريعي الثاني؛ ليكون ذلك مدخلا نفهم من خلاله بوضوح موقع هذا
الكتابء ثم نعطي فكرة منهجية عنه وعملنا فيه وننهي المقدمة بالحديث
ونسأل الله تعالى أن يجزي المؤلف خير ما يجزي العلماء العاملين»
لعل معرفة أسباب الاختلاف في اعتبار السنة المصدر التشريعي ١
عند علماء المسلمين والأئمة المجتهدين يلقي ظلالاً موضوعية على قضية
فلا خلاف في إجماع العلماء على اعتبار السئة المصدر التشريعي
الثاني بعد كتاب الله تعالى «القرآن الكريم» لكن السنة لم تدون كلها في
القرن الأول الهجري كما أسلفناء فقد فكر الخليفة الثانفي عمر بن الخطاب
في تدوينها» ولكنه بعد التروي والتشاور لم يقدم على ذلك لسببين فيما
نعتقد: لأنه كان حريصاً على اتباع منهج صاحبيه السالفين» فأبو بكر لم
الوقت إلى التدوين فالجيل الذي كان يحفظ السنة شفاهة ويجسدها بلوكه
وهكذا لم ينفذ عمر رضي الله عنه ما فكر فيه؛ وانقضى القرن الأول
الهجري من غير أن تدوّن السنة عدا ما روي من أن عبد الله بن عمرو بن
فقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «كنت أكثر الصحابة حفظاً لحديث
رسول الله كل إلا عبد الله بن عمرو بن العاص فقد كان يكتب ولا أكتب؟!").
توثيق الحديث:
وعلى الرغم من عدم التدوين إلا أن الصحابة مع ذلك اتخذوا بعض
وعمر بن الخطاب كان يطلب من الراوي أن يأني بالبيئة على روايته؛
وعلي بن أبي طالب كان يستحلف الراوي. ولكن هذه الاحتياطات - وإن
حققت الغرض منها في عهد الصحابة - إلا أن الحاجة أصبحت ماسة فيما
بعد إلى التدوين» نظراً لتفرق الصحابة وانقراضهم تدريجياً؛ ودخول الإسلام
إلى بلاد جديدة وانسياح المسلمين في الأرضء وتناقل حديث
رسول الله كم عن الأصحاب شفاهة بالروايات ذات السند الصحيح أو
وقد كان لعدم تدوين السنة أثران:
(أحدهما): أنه دفع علماء المسلمين إلى بذل جهود خاصة في دراسة
حال رواة الحديث ودرجة الثقة بهم؛ وانقسمت الأحاديث باعتبار رواتها إلى
ٍ (وثانيهما): أن عدم التدوين ترك فرصة للتحريف والزيادة والنقص
القرآن كله؛ مما أدى إلى اختلافهم في الاحتجاج بها حسب درجة اعتبار
الصحة لديهم.
التحزب السياسي والانقسام المذهبي:
إن الانحياز والتحزب السياسي الذي نشأ بسبب مفهوم الخلافة واختيار
شخصية الخليفة أخذ شكلاٌ دينياً ذا أثر خطير في اعتماد بعض الأحاديث
ورفض بعضها الآخرء وذلك أنه بعد مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه
بويع بالخلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه» وتازعه الخلافة معاوية .بن
أبي سفيان رضي الله عنهما لأسباب ومسوغات لا مجال لذكرها هناء
واشتدت الفتنة بين الفريقين وانتهت إلى التحكيم؛ ونتج عن ذلك انقسام
وهم جمهور الأمة.
١ - أما الخوارج فهم جماعة من المسلمين نقموا من عثمان سياسته
في خلافته؛ ونقموا من علي قبول التحكيم؛ ونقموا من معاوية توليه
الخروج عليه وسلكوا في تأييد مبدئهم ومجاهدة خصومهم وسائل العنف
والشدة في حروبهم.
- وأما الشيعة فهم جماعة من المسلمين رأوا تفضيل علي بن أبي
توارث هذه الخلافة إلى كيسانية وزيدية وإسماعيلية وجعفرية؛ وكل فرقة
تجعل الخلافة في فرع خاص من ذرية علي .
- وأما جمهرة المسلمين فلم يذهبوا مذهب الخوارج ولا الشيعة
إن وجد؛ ويؤولون ما كان بينهم من خصومات بأنها كانت اجتهادية.
قريش
هذا الانقسام السياسي كان له أثر في أن الخوارج رفضوا الأحاديث
يرضونهم وروايات علماثهم وفتاويهم -
وكذلك الشيعة اشترطوا في قبول الحديث أن يكون من رواية آل
الشروط المطلوبة بلا تفريق بين صحابي وآخر» ويأخذون بفتاوى الصحابة
وآرائهم جميعاً؛ وعلى الرغم من اتفاق جمهور علماء المسلمين على هذه
الخطة الموضوعية في قبول الحديث باعتبار الصحابة جميعاً عدولاً
وموثوقين - دو النظر إلى مواقفهم السياسية من قضية الفتة الكبرى.
منهم؛ وقد نشأ ذلك بناءً على اختلافهم في تقدير بعض مصادر التشريع»
وقد تجلى ذلك على وجه الإجمال فيما يأتي:
أسباب الاختلاف بين الأئمة المجتهدين:
١ - أولاً: من حيث درجة ثبوت الحديث والميزان الذي ترجح به
رواية على أخرى» وذلك أن قبول السنة كمصدر للأحكام مبني على الوثوق
يقاس عليهما من رأي اجتهادي يقدمونه على حديث خبر الآحاد حال
ومجتهدو المدينة: مالك وأصحابه يرجحون إجماع أهل المدينة
ويقدمونه في الاستدلال على خير الآحاد.
وأما باقي الأثمة: فيحتجون بما رواه العدول الثقات سواء وافق عمل
أهل المدينة أو خالفه. وترتب على هذا أن مجتهدي أهل العراق جعلوا
المشهور في حكم المتواتر. وخصصوا به العام في القرآن الكريم؛ وقيدوا
به المطلق» وترتب أيضاً أن مراسيل الصحابة من الحديث وهي التي رواها
صحابي بقوله: أمر رسول الله بكذا أو نهى عن كذا أو قضى بكذا من