الباطنية والتأويلية من كنوز القرآن الكريم الخفية؛. ومن
الأحاديث المروية عن أئمة أهل البيت (ع) والمتناولة لأكثر
تفكيره الشخصي الذي يتجاوب ومنطق التطور العقلي
الحديث وحكمة الكتاب العظيم.
مصنفات نلاحظ أنه يتحدث فيها عن الانسان الذي يرى
أنه خلاصة العالم أو هو العالم الأصغر الذي انطوى فيه
صلة المادة أو العدم بالوجود المطلق» كونه مركب من
وجود وعدم من روح ومادة. والروح من الوجود المطلق
ويذهب السهروردي إلى أن ماعة أهل الحق اثناء
وجودهم في دار الدنيا ليس لحم هدف أوغاية سوى أن
وليس الطريق إليه ممكنا إلا بالرياضة والمجاهدة والتأمل
والذكر» وبذلك تحصل الروح على حريتها فتعود إلى عالها
الوعر الكثير العقبات» الليء بالحفر والأخاويد» مراحل
ومقامات» يجتازها السالك بهداية المرشد أو المعلم أو المفيد
حتى يبلغ غايته واهدافه» فيغنى في الله وينعم بالوجود
المطلق والجمال المحض» والخير الخالص .
وهذه حال وراء المعرفة والعقل يتحد فيها الراثي
عدما شاهدوا صور العقائد والمذاهب عدماء ونفذوا إلى ما
خلفها من حقيقة هي جهاد النفس وتحرقها للوصول إلى
الله فاتسع صدرهم لكل رأي مخالف» وطلبوا ما وراء
مظاهر الشريعة من بواطن» وجعلوا الحقيقة باطنا للشريعة
ووققفت عقول علاء المسلمين مبهورة مترددة تجاه هذه
الجرأة الحقانية التي شعت عن آراء وعقائد جماعة أهل
الحق» وتلمسوا الطريق الذي يسلكونه في التوفيق بين
الدين الاسلامي التقليدي وبين آراء هذه الجماعة ونتاج
عقولها العرفانية» التي تحاول امتصاصها وتذويبها في صلب
القرآن والأحاديث النبوية الشريفة.
ف هذا الكتاب الذي نضعه موضع التداول ترجمة لحياة
العقلانية, نامل أن نعطي القارىء الكريم فكرة صحيحة
واضحة عن هذا الفيلسوف الذي خاض غمار الجدل
الديني والفلسفي وذاب في محكم آيات القرآن الكريم»
الدكتور مصطفى غالب
بيروت في حلا لحا
شهاب الد ن نحيي حشر امير
لان " بن << بن
هذا عالم آخر وعارف عقلاني من جماعة أهل الحق
الذين وهبوا جسدهم الفاني في سبيل رفع راية الحق عالية
تخفق في أجواء المحبة والإخاء» ورصعوا تاريمهم في هذا
العالم الزائل بآلاف الأوسمة العقلانية الداهدة إلى
الارتشاف من نور الممدع المصور لكافة الموجودات العلوية
والسفلية استجابة لنزوع أرواحهم السرمدية إلى الغوص في
أعماق المعرفة الحقانية. وتطلعها إلى الله سبحائه وتعالى
المحرك لكافة المتحركات العقلانية
ولم يكن السهروردي مليًا بشتى الأفكار والآراء العقلانية
فحسب بل كان شعلة من أصحاب الأنوار الشعشعانية
الذي رسموا صور الجمع والتوفيق في الفكر الاسلامي ©
وعرضوا العرفان العقلاني في ثوب الفلسفة والتأمل
الإستشراقي» فكان له تأثير فعال على بلورة عقول طلاب
جوار الخالق المبدع.
هو أبو الفتوح يحبي بن حبش بن أميرك الملقب بشهاب
الدين السهروردي المقتول. وقد اختلفت الروايات في
صحة اسمهء ولكن معظمها متفق على صحة هذه
التسمية. ولقب بالمقتول حتى لا يعتبر شهيداً. ولكن
ذلك ما يشير إليه المستشرق الفرنسي هري كوربان حيث
بمعنى شهيد وهذا أمر وجدت شاهد صدق عليه في مخطوط
يسميه صراحة بلقب شهيد.
وييبدو أن اسم السهروردي قد اختلط على بعض
بغداد مع أن السهروردي الذي عاش في بغداد شخص
آخر غير شهاب الدين» فهو أبوالنجيب عبد القادر بن عبد
الله بن محمد بن عموية الملقب ضياء الدين السهروردي
الفقيه المنوفي ببغداد سنة دده. وهناك شخص آخر
يحمل هذا الاسم وهو أبو حفص عمرو بن محمد بن
عبدالله ابن محمد بن عموية وهو ابن أخي المتقدم ذكره»
(١)مخطوط باسم «تقديسات الشيخ الشهيد» وهي عبارة عن مجموعة من
الأناشيد والصلوات استنبول م. راغب رقم 15486 ورقة ها
وكان فقيهاً صوفياً شافعي المذهب له كتاب (عوارف
المعارف) وقد توفي سنة 7 <هجرية.
كانت ولادة شهاب الدين السهروردي بين
سهرورد من أعمال زنجان من عراق العجم؛ وهي واقعة
على الطريق بين همذان وزنجان إلى جنوب سلطانية؛ وكان
طول هذا الطريق 30 فرسخاً ويعد أقصر طريق في زمن
السلم إلى أذربيجان» أما في زمن الحرب فكان المسافرون
يقطعون طريق قزوين.
ويذكر ابن حوقل بأن سهرورد وقعت في أيدي الأكراد
في القرن الرابع المجري وقد هجرها أهلها وكانوا من
الزنادقة ول يبق منهم الا نفر قليل» ودمرها المغول.
ويرى المسعودي أنا قرية صغيرة تحيط بها قرى مغولية
البلاد إلى أن سهرورد بلدة بارض الجبال بقرب زنجان
ينسب اليها أبو الفتوح محمد بن يجبي الملقب شهاب
(١)شخصيات قلقة في الإسلام للبدوي.
المراغة للدراسة على الشيخ مجد الدين الجيلي أصول
الحكمة والفقه» وفي مدرسة الجيلي تعرف على فخر الدين
والتاريخ يقف صامتاً أمام ظروف تلقى السهروردي
ولا يذكر شيئاً سوى أن استاذه مجد الدين الجيلي كان من
السهروردي أخذ يطوف في الآفاق» فينتقل من بلد إلى
آخر تدفعه رغبة ملحة في طلب المعرفة» وقد أشار هو إل
قريب من ثلاثين سنة وأكثر عمري في الآسفار والاستخبار
والتفحص عن مشارك مطلع على العلوم ولم أجد من عنده
خبر عن العلوم الشريفة ولا من يؤمن بها».
وانتقل السهروردي من مراغة إلى أصفهان للدراسة على
الشيخ ظهر الدين القارىء. وقرأ البصاثر النصيرية في
المنطق لعمربن سهلان الساوي على الظهير الفارسي . كما
باهتمام بالغ من العلماء.
(١)مقدمة كتاب اللمحات منشورات دار النهار بيروت.
يقول تلميذه الشهرزوري:«سافر في صغره في طلب
العلم والحكمة إلى اصفهان». وبلغني أنه قرأ هناك بصائر
ابن سهلان الساوي على الظهير الفارسي والله اعلم
كثيراًم'). والبصائر تلخيص لمنطق الشفا لابن سيناء
وترجع أهمية مقامع ف اصفهان إلى أنه اتصل فيها بمذهب
ابن سينا اتصالا وثيقاء فترجم رسالة الطير لابن سينا إلى
وعندما انتهى السهروردي من دروسه الأولى الأساسية
في اصفهان» أخذ يتجول في كثير من المدن الفارسية هدف
الاتصال بزعياء أهل الحق على عهده؛ وليأحذ عنيم
تعاليمهم العقلانية. وحط الرحال في قلعة آل موت الي
بالدعاة العلماء الذين يلقون الدروس العقلانية في مدرسة
آل موت العرفانية» وفي آل موت تلقى السهروردي كافة
العلوم التأويلية والفلسفية» وانخرط في سلك الدعاة
الجوالة الذين من مهمتهم الطواف في جميع أنحاء العالم
الإسلامي لنشر الدعوة والتبشير بأفكارها العقلانية. خاصة
وقد أظهر نبوغاً تاماً وذكاء نادر منقطع النظيرء مما جعله
٠ )تاريخ الحكماء للشهرزوري ١(