وثانيهما» العقوبة المقابلة لزجر إتيان هذا الفعل إن هو أتاه؛ وأمام عدالة و
- إلى تقرير قاعدة شرعية الجرائم وعقوباتها في قوانين بلدانهم؛ والمشرع
المغربي لم يخرج عن ركب المقررين لهذه القاعدة» فصاغها في الفصل 8 من
القانون الجنائي!"؛ وسنار بعيدا فسما بها حين جعل منها مبدأً دستوريا والدستور
أسمى القوانين في الفقرة الأول" من الفصل التاسع عشر منه.
أما عن مسألة أي من القسمين كان أسبق في الظهور عن الآخرء فإن
الإطلاع على تاريخ الدراسات المتعلقة بالقانون: لحي يظهر أن القسم الخاص
بالفعل هو الأسبق من حيث الظهور أي هو الذي عرف التطبيق أولا- عن القسم
العام» وهذا شيء بديهي» لأن المبادئ العامة للقسم العام لم تعرف النور إلا نتيجة
لضياغة قواعد القسم الخاص التي تمثل حلا لمشكلات جزئية!ا!) وتأصيلها بردها
إلى أصول كلية عامة02» من خلال تجميع ومقارنة عناصر كل جريمة وتحديد
شروط المساءلة عنها والجزاء العائد لها أولا؛ واستنتاج المبادئ التي ظهر أ
تكرر عند البحث في كل جريمة ثانياة).
(7 و(8) الملاحظ أن أهمية القسم الخاص من القانون الجنائي لا تنسحب فقط إلى الدول التي تأخذ
المبدأ المذكور» فمثلا المادة الأولى من القانون الجنائي الدانمركي تخول
اختصاضا تسمح له بتجريم فعل ماغير متصوص عليه في المدونة
يكون نظام هذه الدولة الجنائي» لا يجعل أمر التشريع في الميدان الجنائي محصورا» في
اختصاص السلطة التشريعية وحدهاء وإنما يشرك معها القاضي في هذه المهمة الصعبة
والدقيقة؛ ومع ذلك يكون للقسم الخاص الأهمية الكبرى حتى في هذا النظام القانوني - ومن
ذلك من طرف القاضي الجنائي بالنسبة للأفعال غير المنصوص ا يهخائة
القسم الخاص من قانون العوبات» منشأة المعارف» ص 3).
ٍ يجوز إلقء القبض على أي شخص أو اعتقاله أو متابعته أو إذائته»
الخمليشي أحمد : القانون الجنائي الخاص؛ الجزء الأول؛ ص 7
آبر المعاطي حافظ أبو الفتوح» شرح القانون الجنائي» القسم الخاص» ص 8
يعتبر كما يرى عبد القادر غودة (التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالفانون الوضعي:+<
ثالثا : أحكام القسم العام تعنى بتنظيم كليات القانون الجنائي» ولذلك فهي
١ في حالة استبدال المجتمع بنظام رأسمالي» نظاما اشتراكياء أو العكس؛ حي 4
يتحتم هذا التغيير نتيجة لاختلاف نظرة النظامين السابقي الذكر لأغب مبادئٌ
التجريم والجزاءة.
أما أحكام القسم الخاص» فهي عكس سابقتها إذ تعني بتنظيم جزئيات
القانون الجنائي التي ترتبط بالمصالح الأساسية للمجتمع؛ والتي هي بالفرض
متعددة ومتطورة وتتنوع باختلاف المكان والزمانء ومن ثم كانت أميل إلى
التغيير وعدم الإستقرار» والأمثلة على ذلك متعددة» فمن بعض الأفعال ما أصبح
يكون جريمة لم تكن معروفة من قبل نتيجة تمدن وتقدم المجتمع؛ ونحو ذلك قتل
الحيوان الذي كان غير مجرم فيما مضى» ليصبح قتله دون مبرر» يشكل في الوقت
الحاضر جريمة في أغلب التشريعات الجنائية؟""» ونحو ذلك أيضا تجريم القيام
بتحويل الطائرات وتخريب المنشآت الجوية9" (الفصلان 601 مكرر و602 مكرر
ج12 ص 113 مذكور في أبي الفتوح» المرجع السابق» ص 8 و9 في الهامش)؛ الوحيد الذي
ظهرت فيه قواعد القسم العام والقسم الخاص من القانون الجنائي في وقت واحد؛ وفي
من الزمن لا تتعدى عشر سنوات؛ إبتدات منذ هاجر الرسول الأعظم إلى المدينة المنورة» إلى
والأحاديث التي تحدد الجرائم وعقوباتهاء كالقتل العمد والقتل الخطاء والسرقة» والردة»
والحرابة» والشرب؛ والزناء والقذف» ويرجع هذا التزامن (أو التعاصر) بين أحكام القسمين
العام والخاص حسب رأي الأستاذ عبد القادر عودة إلى أن النظام العقابي الإسلامي نظام
(14) ونفس الأمر يحدث فيما لو استبدل المشرع للفلسفة التي بنى عليها نظامه الجنائي» كأن هجر
نية أو التقليدية الحديثة) ليتبنى الإ
أو يمزج بينهما باعتناقه للمذهب المختلط الموضوعي - الشخصي (مبادئ مدرسة الاح
(5) الفصل 602 قا ج.
(16) وتجريم الأعمال الإرهابية بالقانون 03.03 (الفصول من 1/218 إلى 2/218 فى ج) وكذلك الأفعال
المهينة لعلم المملكة ورموزها بالقانون 17.05 (الفصول 1/267 إلى 4/267 قا ج):
الآخر» ولم تظهر في هذا الأخير إلا بسب قيام أوضاع قانونية جديدة فيه» كتلك
ما كان ثمرة لإعادة النظر في بعض الجرائم القائمة فعلا» فرضته سنة التطورء كما
في محاولة تحقيق عدالة أكثر نجاعة ومردودية09» أو الوصول إلى مرامي
في دراستنا للقسم الخاص من القانون الجنائي المغربي سنقتصر على أهمل!©
الجرائم (لكثرة ورودها في العمل) الواردة في المجموعة الصادرة في 26 نونير
(07 التي عرفت النور في القانون المغربي بالظهير رقم 159-162 لفائح شتير 1959 (الفصول 2 و12
و28) لتحتل مكانة ملحوظة في مدونة الإنتخابات الحالية.
(8) راجع المقتضيات الجنائية الواردة +
- في ظهير 25 يوليوز 1969 بإحداث دوائر لتحسين المراعي.
- في المرسوم الملكي الصادر في 21 أبريل 1967 بمثاية قانون يتعلق بالمهنة البنكبة والقرض.
- في قرار المدير العام للديوآن الملكي الصادر في 17 يوليوز 1967 بتنظيم الإتجار في
المشروبات الكحولية أو الممزوجة بالكحول.
- في ظهير 12 أكتوبر 1971 (والتعديلات المدخلة عليه) المتعلق بتنظيم الأثمان ومراقبتهاء
وبشروط إمساك المنتوجات والبضائع وبيعها.
- في المدونة الجمركية والضرا؛ المباشرة (ظهير بمثابة قانون صادر في 9 أكتوبر 1977).
ظهير 23 نونبر 1973 المتعلق بتنظيم الصيد البحري.
- في القانون رق 5 المتعلق بمكافحة غسل الأموال المعطى الأمر بتنفيذه بالظهير 1.0739
في 28 من ربيع | "ول 1428 (17 أبريل 2007) ج.ر عدد 5522 (3 ماي 2007) ص 1359
(9) على سبيل المثال القانون (رقم 09.03) الملغى لمحكمة العدل الخاصة والمتتم والمغير
المجموعة القانون الجنائي» والذي بمقتضاه شدد المشرع عقويات أهم الجرائم التي يرتكبها
تصابا حدده القانون في مائة ألف درهم لتنقلب الجنحة بذلك إلى جناية (الفصول 243-1-
(20) كالمحافظة على سلامة البيئة (الفصل 599 ق.ج)؛ أو التقليل من حدة التصاعد الديمغرافي (تأمل
مرسوم 1 يوليوز 1967 الذي عدل الفصل 453 ق.ج ليضيق بذلك من نطاق جريمة الإجهاض)
أو الحد من علط الموظفين في استعمال سلطتهم إزاء الأفراد وممارسة التعذيب (القانون رقم
(21) على أمل التعرض لغيرها من الجرائم في كتاب آخر إن شاء الله تعالى.
2 دون تلك التي وردت في بعض النصوص الخاصة*9»؛ وسنتبع خطة نراعي
فيها تبويب الجرائم بحسب الموضوع أو الحق المباشر الذي وقع الإعتداء
عليها» فتخصص قسما أولا للجرائم الماسة بأمن الدولة» وقسما ثانيا تعرض فيه
(22) المنوه عن بعضها في الهامشين 17 و18
(29 لأنه الأساس الذي اتبعه المشرع المغربي عند تبوييه للجنايات والجنح (وهو نفسه السائد في
التشريعات الحديثة كالقانون المصري مثلا» راجع رمسيس بهنام المرجع السابق بد 6)؛ وهذا
ما يظهر من خلال تقسيمه للجزء الأول من الكتاب الثالث إلى أحد عشر باباء حمى في كل
واحد موضوعا.
الأول : وخصصه للجنايات والجنح ضد أمن الدولة (المؤامرة» الإعتداء؛ الخيانة... الفصول من
الأول مكرر : وخصصه للإرهاب (الفصول من 1/218 إلى 9/218
الثاني : وخصصه للجنايات والجنح التي تمس بحرية المواطنين (الإفطار جهارا في رمضانة
شطط الموظفين في استعمال السلطة» الفصول من 219 إلى 232 ق. ج)-
الرابع : وخصصه للجنايات والجتح التي يرتكبها الأفراد ضد النظام العام (اكسر الأختام» إهانة
الخامس : وخصصه للجنايات والجنح ضد الأمن العام (تكوين العصابات الإجرامية» إخفاء
السادس : وخصصه للجنايات وجنح التزوير والإنتحال (الفصول من 334 ق. ج إلى 391 ق. ج)
السابع : وخصصه للجنايات والجنح ضد الأشخاص (القتل بنوعيه؛ الإيذاء بتوعيه؛ والمساعدة
على الإنتحار... الفصول من 392 إلى 448 ق. ج).
الثامن : وخصصه للجنايات والجنح ضد نظام الأسرة والأخلاق العامة (جريمة الإجهاض؛
إهمال الأطفال والعاجزين» إهمال الأسرة... الفصول من 449 إلى 504 ف
التاسع : وخصصه للجنايات والجنح المتعلقة بالأموال (السرقة؛ النصب؛ خيانة الأمانة» إخفاء
العاشر : وخصصه للمس بنظم المعالجة آلالية للمعطيات (الفصول 607 مكرر 3 إلى607 مكرر 11
أ) ما طبيعة العقوبة المرصودة لزجر الجريمة؛ وهذا ما سار عليه الفقهاء المسلمون» كما يتبين
ذلك من خلال وضعهم للجرائم التي تستوجب الحد في بَاب» وتلك التي تستوجب القصاص
في باب آخرء والتي تستوجب التعزير في باب ثالث.
ب) وإما طبيعة كل من العقوبة والفعل المجرم في نفس الوقت» وهذا ما انتهجة المشرع
الجنائي الفرنسي لسنة 1810 لما قسم الجرائم إلى طائفتين» الأولى وتضم الجنايات والجتح+
والثانية تضم المخالفات؛ على بار أن الجبايات والجتج؟ » تحكمها مبادئ واحدة فيما يرجع
لشروط التجريم والمساءلة الجنائية؛ وإن اختلفت عقوباتها مقداراء وهو ما لا ينطبق على <
وقسما أخيرا للجرائم الماسة بالأموال كالآتي :
القسم الأول : الجرائم الماسة بأمن الدولة.
القسم الثاني : الجرائم الماسة بالثقة العامة.
القسم الثالث : الجرائم الماسة بالآداب.
القسم الرابع : الجرائم الماسة بالأشخاص.
القسم الخامس : الجرائم الماسة بالأموال.
ِ المخالفات التي تختلف عنها أي عن الجنايات والجتح من هذه الناحية لكن فيما يرجع
لترتيب الجنايات والجنح بالنسبة لبعضها البعض فقد اعتمد مشرع 1810 طبيعة العقوبا
ج) وإما طبيعة الحقى الذي وقع المساس به؛ وهو نهج التشريع المغربي الذي ولوأنه أخذ في
اب الثالث بتقسيم الجرائم إلى جنايات وجنح في الفصول من 163 إلى 607 في الجزء الأول+
والمخالفات في الجزء الثاني من ذات الكتاب في الفصول من 608 إلى 612؛ فإن الأساس الذي
اعتمده في تصتيفه للجرائم إلى جنايات وجتح؛ فكان طبيعة أو موضوع الحقى الذي وقع
الإعتداء عليه.
(يراجع في هذا أحمد الخمليشي» المرجع السابق» ص 8 و9).
القسم الأول
الجرائم الماسة بأمن الدولة
إن الرغبة الملحة في المحافظة على كيان الدولة خصوصا بعد أن تنامت
الوظائف التي أصبحت تقوم بها في الوقت الحاضر» باعتبارها شخصا اعتباريا
يُمثل المجموع» أفرز إلى الوجود مجموعة من الجرائم سميت بالجرائم الماسة
يأمن الدولة أو ضد أمن الدولة كما أطلق عليها المشرع المغربي - وهي جرائم
تمس أو تحاول المساس بكيفية مباشرة بكيان الدولة القانوني وهذا تمبيزا لها
عن الجرائم التي تشكل إعتداءات على الأشخاص أو الأموال أو العرض... ]! خ
غير مباشرة.
هذا وجرائم أمن الدولة لا يقصد بها الجرائم التي ترتكب ضد أشخاص
الفئة التي تحكم الشعب كما كان سائدا في الماضي عندما كانت فكرة الدولة
تختلط على الخصوص بشخص الحاكم الإمبراطور» حيث كان المساس بحياة
هذا الأخير غالبا ما يؤدي إلى انهيار الدولة أو في الأقل إلى تعطيل سيرهاء وإنما
يقصد بها تلك الجرائم التي تنال من كيان الدولة كشخص اعتباري بحيث يؤدي
الأمر إلى أن تصبح سلامته السياسية أو الإجتماعية أو الإقتصادية أو الخارجية
مهددة ومعرضة للخطر.
وطبيعي أن هذا المفهوم الأخير لجرائم أمن الدولة لم يظهر» ويتميز إلا يعد
تقدم في الفكرين السياسي والدستوري وهو ما سمح بظهور الدولة كشخص
معنوي يُمثل الكيان القانوني للمجتمع ككل منفصلا عن أشخاص الحاكمين فيه
الذين أصبحوا مجرد أجهزة طبيعية (أو أعضاء ومدديهه:م) لتنفيذ وظائف الدولة
كشخص اعتباري0.
جرائم أمن الدولة في القانون المغربي :
التشريع الجنائي المغربي كغيره من التشريعات الجنائية المعاصرة أفرد
جملة من النصوص الجنائية بغاية المحافظة على أمن الدولة المغربية في الباب
الأول من الكتاب الثالث من المجموعة الجنائية تحت عنوان في الجنايات
والجنح ضد أمن الدولة» إبتداء من الفصل 163 إلى 218؛ وبإلقاء نظرة على هذه
النصوص نستفيد ما يلي :
أولا : قسم المشرع المغربي جرائم أمن الدولة إلى الجرائم الغي تمس بأمن
الدولة الداخلي وهي التي يكون الغرض منها إحداث تغيير في النظام السياسي
للدولة؛ ومن أهمها جزائم الموزامرة والإعتداء على حياة الملك أو شخصه (الفصلان
164-83 قد ج) أو الإعتداء على حياة ولي العهد أو شخصه (الفصلان 165- 166)
والإعتداء الذي يكون الهدف منه أو قلب نظام الحكم (ف 169 ق. ج) أو إثارة
حرب أهلية (الفتنة) (الفصل 201 ق.ج)... إلخ وهذه كلها جرائم لآ تستهدف
المساس بكيان الدولة الخارجي بقدر ما هي محاولة للوصول إلى الحكم بوسائل
لم يقرها الدستور للتنافس على الحكم (أي بوسائل غير مشروعة)» وفي المقابل
نجد جرائم أخرى يشكل إقترافها خطرا على المغرب كدولة ذات سيادة بحيث
تهدده في سلامته ووحدة أراضيه واستقلاله؛ وتسمى بجرائم أمن الدولة الخارجي»
وأهم هذه الجرائم التجسس والخيانة التي تتحقق بحمل المواطن للسلاح ضد
المغرب (الفقرة 1 من الفصل 181 ق. ج) أو بمباشرته لاتصالات مع سلطة أجنبية
بقصد حملها على القيام بعدوان ضد المغرب» أو تزويدها بالوسائل اللإزمة لذلك
إما بتسهيل دخول القوات الأجنبية إلى المغرب» وإما بزعزعة إخلاص القوات البرية
أو البحرية أو الجوية» وإما بآية وسيلة أخرى (الفقرة 2 من الفصل 181 ق.ج).
بلفت النظر إلى أن هذا التطور في الفكر السياسي لم يصل به الأمر مع ذلك إلى الفصل
جرائم أمن الدولة والجرائم التي تمس شخص الحاكم» والسبب في ذلك
ويشكل بالتالي جريمة من جرائم أمن الدولة؛ والمثال على ذلك في القانون الجنائي المغربي
ااجريمة الإعتداء على حياة الملك أو شخصه» (الفصلان 164163 ق.ج).
ثانيا : أخذ المشرع الجنائي بالنسبة لجرائم أمن الدولة بأسلوب التجريم
بعض النشاطات التي لا يمكن التسليم بتجريمها عملا بالقواعد العامة المعروفة في
القانون الجنائي»؛ وكل ذلك مخافة أن يؤدي عدم تجريمها إلى ارتكاب الجرائم
التي يراد ت< تجتبهاء وأشرح الأمر قليلافأقول بان المشرع المغربي بالنسية لجرانم
أمن الدولة الداخلي إذا كان قد عاقب بشدةً! جريمة الإعتداء على حياة الملك أو
شخصه (الفصل 163 ق. ج)؛ فإنه جرم كذلك المؤامرة ضد حياة الملك أو شخصه
(الفصل 172 ق. ج)؛ والمؤامرة كما يفهم من الفصل 175 ق.ج ما هي إلا مجرد
اتفاق جنائي مصمم عليه بين شخصين أو أكثر على ارتكاب الجرائم المنصوص
علهائئي الفصيل 175 و75 وود ةج صحى ولق لم جقبه أي عبل من أعدال
البدء في التنفيذ (الفقرات الأخيرة من الفصول السابقة)؛ وكان مقتضى القواعد
العامة في القانون الجنائي أن الإتفاق وحده على ارتكاب الجريمة أيا كانت غير
معاقب؛ لكن المشرع المغربي جرم المؤامرة وعاقب إتيانها خروجا على تلك
القواعد من باب التحوط والتحرز المسبقين على اعتبار أن اتفاق الجناة وحده
على كيان الدولة وأمن واستقرار المجتمع.
وخارج نطاق الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي نلمس إتباع أسلوب
التجريم التحوطي أو الوقائي كذلك في جرائم أمن الدولة الخارجي كما في
الفصل 1/192 ق .رج الذي جرم فيه المشرع واقعة الحصول بأية وسيلة من الوسائق
على حيازة سر من أسرار الدفاع الوطني؛ فهنا المشرع الجنائي أراد التحرز مسبقا
من تمكن الأعداء من الحصول على هذه الأسرار من طرف الحائز لهاء لما في
(3) وكما في الفصل 2/193 ق. ج» الذي جرم فيه المشرع تنظيم أية وسيلة للتراسل أو الإرسال ير
أن تضر بالشقاع الرطني» دي نظمت بطريقة خقية» تهنا راد المشراع ع التحوط المسبق حتى لا
يستغل العدو المتربص بالمغرب الثغرات ويقوم بضرية مفاجثة لأحد الأهداف التي استعلم
ثانا : طغيان المرونة أحيانا على صياغة التصوص التي تعاقب جرائم أمن
أي المرونة لا ينفرد بها القانون الجنائي المغربي وحده في تجريم هذا النوع
زكته توصية المؤتمر الدولي الرابع للقانون الجنائي © والسبب الذي جعلها تتبع
هذا الأسلوب المرن بحيث تصاغ فيها التصوص العائدة للتجريم في نطاق جرائم
أمن الدولة في عبارات عامة فيرجع إلى جعل أو محاولة جعل هذه النصوص في
هذا الميدان بالذات ملائمة؛ وقادرة؛ على ملاحقة التطور الكبير في الأساليب التي
يتبعها محترفو هذا النوع من الإجرام"» بحيث تسمح للقاضي الجنائي بتكيف
وقائع مختلفة تكييفا يدخلها تحت حكم النصوص ١ ائية القائمة فيفوت بالتالي
على المجرمين الماكرين فرصة النجاة من العقاب عن أي نشاط يأتونه ويكون من
شأنه الإضرار بسلامة وأمن المجتمع؛ وهذا ما تعجز - وكما هو واضح - عن
تحقيقه النصوص الجناا ذا هي صيغت بأسلوب محدد للنشاط المجرم بكيفية
حصرية والذي يكون المشرع قد تصوره في وقت من الأوقات» وأصبح متجاوزا
في زمان أو وقت آخرا نتيجة اتباع المجرمين - من جواسيس وعملاء - في
() مثلا المادة 77 من قانون العقوبات المصرية تق بأنه «يعاقب بالإعدام كل من ارتكب عمدا فعلا
يؤدي إلى المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها».
والمادة 82 عقوبا فرنسي تعاقب على كل فعل «من شأنه الإضرار بالدفاع الوطني».
والمادة 295 من القانون الجنائي اللبناني تعاقب «من أتى في زمن الحرب أو عند توقع نشربها
بدعاية ترمي إلى إضعاف الشعور القومي أو إيقاظ النغرات العنصرية أو المذ
ال باريس سنة 1987 وقد جاء في هذه التوصية : (يتمنى المؤتمر أن تكون القوانين
التي تحدد الجرائم موضوعة في تعابير عامة بعض الشيء لكي تسهل مهمة الإجتهاد في تلاؤمه
بتسايط العملاء والجواميس من أجل تخريب الدولة العدوة من الداخل بحيث يتبعوث - أي
الجواسيس- في ذلك طرق متنوعة وعلمية يصعب تصورها مسبقا من طرف مشرعي هذه البلداث
() ومن جملة النصوص المرنة التي يمكن الإستشهاد بها في القانون الجنائي المغربي المؤكدة لما
-الفصل 191 ق.ج التي واخذ فيها المشرع بجريمة المس بسلامة الدولة الخارجية كل من
اتصالات مع عنملاء سلطة أجنبية إذا كان الغرض منها أو ترتب عنها إضرار بالوضع العسكري أو