الصوفي تخصيصاً » هو فاء عن الخلق وبقاء الحق . والصوفي أبدً مابين فناء وبقاء -
لكن بقاءه ليس دوماً بقاء بالحق » لاضطراره » بحكم بشريته » إلى الانصراف إلى
تخلصاً من تعبير «الفناء عن الحق» الذي لايليق بالصوفي » بل ولايليق حتى بالمؤمن
غير الصوفي »أن يتفوه به أمام الحضرة الإلهية » اصطلح الصوفية على تسمية هذه
الحالة بمقام ١ الفرق » في مقابل مقام «الجمع» :3 فإثبات الخلق من باب التفرقة »
وإثبات الحق من نعت الجمع 4 (1) +
ب الام
ببعة م من حيث إن التوحيد الأول توحيد بقيني + تجريي + أ على -حد
الصطلح الصوفي .بيس التوحيد الشرعي إقاني + نقلي + ا
العقلي . وعلى هذا فإن التوحيد الشهودي » أو وحدة الشهود ؛ حال أو نجربة +
لافكر ولا اعتقاد . يقول الدكتور أبو العلا عفيفي : هو التوحيد الناشئ عن إدراك
مباشر لما يتجلى في قلب الصوفي من معاني الوحدة الإلهية في حال تجل عن الوصف
وتستعصي على العبارة ؛ وهي الحال التي يستغرق فيها الصوفي وبفنى عن نفسه
هو الفناء الصوفي بعينه » وهو أيضاً مقام المعرفة الصوفية التي يتكشف فيها للعارف
معنى التوحيد الذي أشار إليه ذو النون المصري ( إذ يقول ) : « إنه بمقدار مايعرف
العبد من ربه يكون انكاره لنفسه » وتمام المعرفة بالله تمام انكار الذات » . فإن العبد إذا
انكشف له شمول القدرة والإرادة الإلهية والفعل الإلهي » اضمحلت الرسوم والآثار
وحده . هذه أيضاً هي الحال التي يسميها الصوفية « وحدة الشهود» (©) وينقل
عفيفي عن التهانوي ؛ في « نتائج الأفكار القدسية » » قوله : « و التوحيد عند
الصوفية معرفة وحدانته الثابتة له في الأزل والأبد ؛ وذلك بألا يحضر في شهوده غير
الواحد جل جلاله » (4) . كذلك ينقل عنه قوله : فيرى صاحب هذا التوحيد كز
الذوات والصفات والأفعال متلاشية في أشعة ذاته ( أي ذات الحق )* وصفاته
يقول التهانوي : ويرشد فهم هذا المعنى إلى تنزيه عقيدة التوحيد عن الحلول ويه
والتعطيل » كما طعن فيهم ( أي الصوفية )* طائفة من الجامدين العاطلين عن المعرفة
يعقب عفيفي على عبارة التهانوي بقوله : ولكن قول التهانوي أن الصوفية
» ننظر كيف عبر الصوفية عن هذا النوع
من التوحيد أعني وحدة الشهود :
١ - مثل بعض العلماء عن التوحيد فقال : هو اليقين . فقال السائل : بين لي
ماهو . فقال : معرفتك أن حركات الخلق وسكونهم فعل الله عز وجل لاشريك له +
قوله : اليقين ؛ وهو عند القوم درجة أعلى من الإيمان ؛ يعني المشاهدة أو
؟ - قال الجنيد : التوحيد معنى تضمحل فيه الرسوم » وتندرج فيه العلوم +
أي هو معنى يخلقه الله في قلب الموحد ويغلب على قلبه حتى لايرى غيره - تعالى -
كما في الأزل )٠١( +
© - وقال الجنيد :
أيضاً وقد سعل عن توحيد الخاص فقال : أن يكون العبد
قدرته في لجج بحار توحيده ؛ بالفناء عن نفسه » وعن دعوة الخلق له ؛ وعن
الحى - سبحانه - له فيما أراد منه - وهو أن يرجع آخر العبد إلى أوله فيكون كما
كان قبل أن يكون )١١( -
والمهم في هذا التوحيد قوله (أن يرجع آخر العبد إلى أوله فيكون كما كان قبل
أن يكون فهو يشير - كما يقول السراج الطوسي - إلى قوله تعالى يم وإذ أخذ ريك
من بني آدم من ظهورهم ذريتهم ج الآية . (10) » وتكملة الآية ف وأشهدهم على
أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إن كنا عن هذا غافلين »
لأعراذ ن شهادة سّ وربوبيته قد أخذها الله تعالى
0 ليثاق الأول >
عندما كانوا مجرد امكانية وجود » أو مجرد وجود بالقوة » وقبل أن ينتقلوا إلى
وجود بالفعل في هذا العالم . فإذا فني الصوفي عن نفسه وعن الخلق كان في حال
© - وقال رديم : التوحيد محو آثار البشرية وتجرد الألوهية (17) أي قناء
الخلق وبقاء الحق .
- وقال الشبلي : وقد غلا في توحيده » غلوا أدى به إلى تكفير الموحد : من
أجاب عن التوحيد بالعبارة فهو ملحد ؛ ومن أشار إليه فهو ثنوى ؛ ومن سكت عنه
نطق فيه فهو غافل » ومن ظن أنه قريب فهو بعيد » ومن تواجد فهو فاقد » وكلما ميز
تموه بأوهامكم وأد ركتموه بعقولكم في أنم معانيكم فهو مصروف مردود إليكم +
محدث مصنوع مكلكم ( ١ ٍ
مفتاح توحيد الشبلي هو العبارة الأأخيرة التي تفيد استحالة توحيد المحدث
(الخلق) للقديم ( الح ) ؛ لأن توحيد المحدث محدث مثله ؛ فهو - بهذا الاعتبار -
عدم أو بحكم العدم » وإثبات وجود آخر مع الله الذي له وحده الوجود ؛ شرك أو
الحاد به على حد تعبير الشبلي - وهذا ما أدى ببعضهم إلى القول : ماوحد الله غير
سارح
اا الل ل ع الطوسي باح « المع
أشهد سوى الله ) إلى القول بأنه لاوجود إلا الله . وهذ
الوقوع فيه احتمال كبير » ولكنه ليس انتقالاً 0
للصوقي أن يشعر بما يشاء » وأن يعر عن شعوره كيفما شاء » ولنا أن تصدق مايقوله
في وصفه شعوره أولا نصدق » ولكن ليس له أن ثيني على هذا الشعور نظرية في
ة الوجود من حيث هو وجود (170) . ثم يخلص عفيفي إلى القول : فلا بد إذن
نفرق في وضوح بين” وحدة الشهود * و * وحدة الوجود * . ولعل من
ن الوحدتين هر الذي أدى ببعض الباحثين في التصوف الإملامي من
المتشرين إلى اقول بأ ذكرة وحدةالوجود هيه
هذا التصوف برمته + و من التجني أن يوضف متصرل
يستفاد مما تقدم :
أولاً - إن وحدة الشهود أو الفناء عن الخلق هي 6 بالمصطلح الصوفي +
* حال لا فكرة ولا اعتقاد ؛ وهي الحال التي يقول الصوفية أنهم لايرون فيها غير
الله
ثانياً - إن انتقال الصوفي من القول أنه لايرى غير لله إلى القول أنه لاوجود
إلا الله انتقال 7 طبيعي » ولكنه غير منطقي كما يقرر
إن وحدة الوجود نظرية ميتاؤزيقية أو عقيد؛ على اله ولد ع
ينونة واحدة ؛ أو هي القول بانتفاء ثنائية الحق والحلق » وإثبات الوجود للحق
وحده . وقد يعبر عنها بعضهم بالحلول » لكن هذا غير دقيق (4 ٠ )١
ووحدة الوجود 7
الفاء والبقاء - تب عن حقيقة واحدة » ولا فرق ينهم إلا بالاعتبار » حتى ليمكنا
القول أن وحدة الشهود هي عين وحدة الوجود » قياساً على القول أن الفناء هوعين
البقاء +
وعلى هذا قد يعني بقاء الصوفي في الح بقاء للحى في الخلق أيضاً ومن هنا قال
الحلاج : ١ مافي الجبة غير الله ! *-
ويمكتا أن تلاحظ هلم الأطوار الثلالة في وصف عفيفي للعجربة الصوفية إذ
قد سبق إلى الأوهام ؛ لأن بقاءه بالله يشعره بنوع من « الفاعلية » لاعهد له بهءإذ
يرى نفسه وكأنه منفذ للإرادة الإلهية مدبّر لكل مايجري في الوجود ؛ محرّك
للأفلاك » قطب الوجود الذي يدور عليه كل شيء (+؟) +
لات
نعود الأن إلى قول عفيفي أن انتقال الصوفي من القول أنه لايرى غير الله إلى
متى كان الطبيعي غير منطفي » ونحن ما استفدنا المنطق إلا من طبيعة الأشياء ؟ ثم
1 ميتافيزيقية في طبيعة الوجود من حيث هو وجود ؟ ترى ؛ ماذا كان عسى أن يكون
أ عليه الفكر الإسلامي لولا ابن عربي ؟
ا أما قوله أن الشعور ليس نوع ا من أنواع العلم ففيه غموض من حيث أنه لم ييين
في تجربته وفي التعبير عنها . هذا ؛ على الرغم من أن عفيفي عترف بأن تجربة وحدة
الشهود هي * أخص مظهر من مظاهر الحياة الصوفية إطلاقا بقطع النظر عمن يحصل
أنها حالة عا ز
أو رمزوا إليها بأسماء مختلفة ؟ (1؟) +
وليس يخفى على دارس أن الحقيقة العلمية » بالمعنى الحديث ؛ تتصف بالعالمية
يقول عفيفي » وهو في صدد تبرئه ذي النون المصري من 3 تهمة © وحدة
الوجود : وقد يقال في بعض ما أثر عنه من أقوال في المحبة الإلهية نفحة من نفحات
وحدة الوجود ( أقول : تأمل هنا كلمة « نفحة # !) لأنه لايرى في الوجود شيعاً إلا
عصور التصوف ( يريد القرن الثالث ) مبالغة لا مبرر لها . والأولى أن توصف أقوال
المحية الإلهية واستبدت بها وحدة الشهود لا وحدة الوجودكما أشرنا إلى ذلك مراراً1:)-
كذلك يستبعد عفيفي آن يكون ابن الفارض من أصحاب وحدة الوجودإذ
يقول : .. ومع استثناء بعض أبيات لابن الفارض في تائيته الكبرى ( نظم السلوك )
عليها مسحة وحدة الوجود ( أقول : تأمل هنا أيضاً كلمة « مسحة » !)الاملك إل
أن تعدّه متصوفاً ينزع في حبه الإلهي منزع أصحاب وحدة الشهود لأنه لم يسلك
طريق النظار اال إن عر لي أكدن بج - من وضع المقدمات
المعاني الفلسفية وتأويل الآيات القرآنية
ل لبق منها إلى ملعي . يقول عفيفي : لم يفعل ابن الفرض شئاً
من هذا ولكنه استسلم لوجده وساستغرق في حبه ؛رغاب عن نفسه وعن كل
إلا رآه مرآة ييعكس على صفحتها الجمال الإلهي المطلق (17) +
وحدة الوجود.وفي بعض أشعار ابن الفارض « مسحة » من وحدة الوجود . هكذا
يصر عفيفي على أن وحدة الوجود لايمكن أن تكون إلا نظرية يسلك فيها صاحيها
طريق النار ( المنظرين ) من وضع المقدمات واستخلاص التتاذج الخ .. لكنه
مادام يعترف د بالنفحة » و 3 المسحة 6 + فلماذا لاييترف 3 بالحال » » شأنها
< النفحة © » ومن أين طلعت هذه * المسحة © ؟ إن كانت من داخل التجربة فلا
يحق لنا أن نقبلها أ نرفضها إل بمقدار مايحق لنا أن نقبل أو نرفض وحدة الشهود +
تقدم منا القول أن وحدة الوجود هي » في الأصل » « حال > لاتختلف +
من هذه الناحية » عن 3 حال » وحدة الشهود » وأنها تشكل جانباً آخر من التجربة
شيء) ؛ وليس معه شيء . أو تقول : هو شهود حق بلا خلق ؛ كما
شهود خلق بحق .. فمن عرف الحق شهده في كل شيء ولم ير معه شيئا ء لدفوذ
بصيرته من شهود عالم الأشباح إلى شهود عالم الأرواح » ومن شهود عالم الملك إلى
شهود فضاء الملكوت . ومن فني به وانجذب إلى حضرته غاب في شهود نوره عن
كل شيء زلم ينبت مع الله حجار )>
بعبارة أخرى ؛ إن الفناء أو وحدة الشهود هو امتصاص التجليات الإلهية في
مبدثها » أو هو اختزال الداثرة في نقطة المركز » بينما البقاء هو شيوع المبداً الإلهي
في تجلياته » أو هو اندياح نقطة المركز في الداثرة . في الحالة الأولى
الحى » وفي الثانية يتجلى الحق في الخلق . والخلق والح أبداً مابين غيا
وهكذا لايصح أبدا الاعتماد على أحد طرفي المعادلة وإهمال الآخر.
مرّ معنا إشارة السراج إلى الآية 177 من سورة الأعراف ف معرض تفسيره
لمفهوم توحيد الخاصة عند الجنيد في قوله ( أن يرجع آخر العبد إلى أوله فيكون كما
كان من قبل أن يكون) . والآبة المذكورة ؛ وهى آي الميثاق الأول الذي أخذه الله
الحلق في
وأشهدهم على ربوبيته » إنما هو الحق تعالى » لاهم ؛ فكأن الحق قد شهد لنفسه
الله غير الله » والتوحيد للحتى من الخلق طفيلي » كما مر معنا . وفي هذا إشارة إلى
قوله تعالى يم شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائماً بالقسط لا إله إلا
(19) . أقول : وهذا أصل قرآني ثان لوحدة الشهود أو حقيقة التوحيد
توحيد الخلق للحق لاجم إلا راساءالحلق واضمحلالهم + لاييقى غير الحق »
التوحيد لاتكون | لوحي الشهادة بأن يكون اموحد وأسداً يرز انلق تير أو
الخلق - يا للتناقض - في حال غيابهم عن الحلق » وقي هذه الحالة يض لأيكوة
الموحد إلا الحق! .
والحى - تعالى - هو الذي يحي وبميت ؛ ويف
وجوده ثبت بالله »بذلك يكون كل فعل من أفعاله ؛ وكل قول من أقواله ؛ من الله
وبالله ولله » ويكون القائل والفاعل » بل والموحد » هو الله ! +
نحن نذهب إلى أن هاتين الشهادتين تمثلان حالي وحدة الشهود ( الفناء ) ووحدة
الوجود (البقاء )خير تمثيل : فالشهادة الاولى إذ تتفي الالوهة عن كل ماسوى الله
والشهادة الأولى إذ تنفي الوجود عن الحخلق وتئبته للحق تحر الألوهة من
المحسوس وتثبت لها صفة الإطلاق ؛ وهي - في الوقث نفسه - دعوة للإنسان إلى
التحرر من عبادة - امحسوس ؛ ورفض كل عبودية منه للخلق . لكن الإنسان وحده
- تحبا على وتائلة الخاصة - لايستطيع أن يحقق هذا التحرر ؛ لأن النسبي
وسوس م لاحل سبي مله (الإنسلد أن يقري علي بلي لابسمن مواجهة
النسبي بالطل .فاقتضى الأمر توجهاً من المطلق إلى النسبي بمقدار ما اققضى توجهاً
من النسبي إلى امطلق فكان من الأول الوحي ومن الثاني العبادة والخضوع (الإسلام)
فالذي أوجد العالم ليس استقلاله عن المطلق بل تبعيته له بما هو نسبي . وهذا
مقتضى الشهادة الثانية بشهادة الأولى تحر الألوهة من المحسوس فإن
الشهادة الثانية تعود فتقيد المحسوس بالألوهة ؛ بعد أن كانت هذه مقيدة به ؛ فيكون
العالم موجوداً بم ار ماهو خاضع ( مسلم » لله » ويكون الإنسان موجوداً بمقدار
ماهو حر من عبوديته للمحسوس » لأن عبوديته للمطلق هي عين حريته من النسبي +
نخلص من كل مانقدم: أن وحدة الوجود هي ؛ في الأصل » حال قبل أن
تكون نظرية وأنها - إلى جاتب وحدة الشهود - جزء لايتجزاً من المجرية الصوفية >
وعلى هذا يمكننا القول » مجاراة لبعض المستشرقين » أن السمة الغالبة على التصوف
الإسلامي برمته هي سمة وحدة الوجود . كما © بيز » مجاراة للدكتور
عفيفي » بين رحدة الوجود بما هي حال - وقد اعترف بذلك اعترافاً ضمتياً -
ووحدة الوجود بما هي نظريا ية غير آنية من فراغ + بل أساسها
2 قي تنا قل فا أما قد يقبل به البعض
كلا أو بعضاً . وكلا الرفض والقبول اغناء للحياة الإنسانية +
هذا » وأغلب الظن أن حال وحدة الوجود تحصل للصوفي عندما يبدا يصحو
من غييته عن العالم » وقبل أن يعود إلى أرض الواقع ما . في هذه الالة » لايكوة
الصوفي « با » في شهود الله وحده » ولا في شهود العالم وحده © بل في
تلاشى رؤيته لله تدريجياً بمقدار ماتزيد رؤيته للعالم ؛ حتى يحط على أرض الواقع
وكنا ميزنا أطوارا كلاثة في العجربة الصوقية : الفناء » البقاء :التفرقة . في الفناء
يقول الصوفي : هوهو ! وفي البقاء يقول : أنا هو ! . وفي التفرقة ( البقاء في العالم
لكن » هل وحدة الوجرد ني الخلول ؟ للجراب عن هذا السؤال ب