السلجوقية؛ أو باتخاذ الأمراء والحكام لعدد من الإجراءات الوقائية للحيلولة دون انتشار
هؤلاء المؤرخين بالندرة والقصور فحسب؛ بل باصطباغها بروح العداء من حيث
كونها كتبت متأثرة بوجهة نظر أعداء الإسماعيلية.
7ه وكان فى ملازمته أحد المؤرخين الفرس الثقات؛ دفعته رغبته فى المعرفة إلى
طلب الإذن من هولاكو بالاطلاع على مكتبة الإسماعيلية الذائعة الصيت فى (الموت)
بعد استيلاء هولاكو عليها؛ فاستخرج المؤرخ علاء الدين عطا ملك الجوينى من تلك
المكتبة معلومات قيمة عن دعوتهم» وسيرة مؤسس دولتهم بإيران. الحسن بن الصباح»
المعلومات؛ وأكملها بما دونه من الأخبار والحوادث التى شاهدها بنفسه أثناء مصاحبته
للحملة التى جردها المغول للقضاء عليهم.
وترجع القيمة الحقيقية لنص الجوينى إلى أنه منقول أصلاً عن مصادر الإسماعيلية
ولقد قوبل هذا النص الذى عنى بنشره العلامة الإيرانى المرحوم الأستاذ محمد بن
عبد الوهاب القزوينى ضمن الجزء الثالث من تاريخ جهانكشاى سنة 19717ه بحفاوة
بالغة من جانب الدارسين؛ فقد أصبح فى مقدورهم أن يطلعوا على تاريخ دولة
مشروحا عن طريق شاهد عيان مباشر عاصر تاريخ دولتهم فترة من الزمن؛ ورافق
إضافة عمل جديد وهام إلى مكتبتهاء وقدمته فى القسم الثانى من الكتاب.
والمغرب والشام. فنحن نجده لا يهتم بالمحاولات المستمرة والجهود المضنية التى بذلا
دعاة الإسماعيلية فى إيران على مدى قرنين من الزمان قبل نشأة الدولة على يد الحسن
ابن صباح فى أواخر القرن الخامس؛ ولا يلقى بالا إلى ذلك الرعيل الأول من الدعاة
وكان الوزير السلجوقى الشهير نظام الملك (توفى سنة 485ه) معاصرا لقيام دولة
وثيقة بين الفترة المبكرة من تاريخ الدعوة الإسماعيلية فى إيران وبين قيام دولة
بأخبار بعض دعاة الفترة المبكرة؛ ويتتبع فى إجمال مسيرة الدعوة الإسماعيلية؛ وجهود
الدعاة فى سبيل نشرهاء تلك الجهود التى أسفرت فى النهاية عن قيام دولة لحم فى
الشمال الغربى من إيران.
الجوينى بإهماله تاريخ دعوة الإسماعيلية بإيران قبل قيام دولتهم بها - رأينا أن تدخل
من المدخل الصحيح لدراسة تلك الدولة؛ فنقدم لترجمتنا العربية لنشص كتاب
(جهانكشاى) بدراسة نعرض فيها على وجه الإجمال لنشأة الإسماعيلية وعقائدهم
ونظام الدعوة عندهم؛ ثم ننتقل إلى تتبع الدور الذى قام به دعاة الإسماعيلية قبل قيام
دولتهم فى إيران.
وقد راجت منذ فترة من الوقت نظرية قال بها بعض الباحثين المحدثين من العرب؛
مقومات الدولة.
وعند ترجمة النص الذى أورده المؤرخ علاء الدين عطا ملك الجوينى فى الجزء
الثالث من كتابه (جهانكشاى) عن الإسماعيلية حرصت على الإبقاء بقدر الإمكان
على الهوامش التى كتبها الأستاذ محمد عبد الوهاب القزوينى محقى الكتاب؛ وذلك بغية
تقديم منهج فريد ومتكامل فى التحقيق التزم به امحقق التزاما كاملا. رغم ما بذل من
عناء فى سبيل ذلك فاستخدم ثلاث عشرة مخطوطة من مخطوطات الكتاب فى هذا
التحقيق؛ ورجع إلى مئات الكتب والمراجع بمختلف اللغات لتوضيح النص؛ فكان من
نتيجة ذلك أن خرج الكتاب محققًا أفضل ما يكون التحقيق؛ واضحًا أشد ما يكون
ولا يسعنى فى صدر هذا الكتاب إلا أن أتوجه بالشكر إلى أستاذى الفاضل؛ الأستاذ
الدكتور عبد النعيم محمد حسنين. والحقيقة أنه لولا إرشاداته العلمية القيمة وتوجيهاته
قيض لهذا العمل أن يخرج بهذه الصورة. كما أتقدم بالشكر لأستاذى
الدكتور فؤاد عبد المعطى الصياد. على ما أسداه إلى من نصح فى الرجوع إلى عدد من
المراجع القيمة؛ وإمدادى بهاء
وأرى لزاما على أن أشكر جميع زملائى من الدارسين الذين ساعدونى فى هذا
العمل؛ وأن أشكر السادة أمناء مكتبة جامعة القاهرة ودار الكتب المصرية ومعهد
والكتب. والله ولى التوفيق
د. محمد السعيد جمال الدين
الفصل الأول
نشأة الإسماعيلية
يجدر بنا قبل أن نبدأً فى دراسة الإسماعيلية - وهى إحدى الفرق الشيعية - أن
نشرع ببحث سهيدى عن نشأة التشيع وعلاقة الفرس به؛ والانشقاق الذى حدث فى
صفوفه والذى مخضت عنه تلك الفرق التى تعد الإسماعيلية من أبرزهاء معتمدين فى
تفاصيل ذلك كله على كتاب فرق الشيعة للنويختى!'' المتوفى بين سنتى 700
و٠”ه؛ وكتاب المقالات والفرق. لسعد بن عبد الله أبى خلف الأشعرى القمى
المتوفى سنة 274 أو 700 ه؛ ومقالات الإسلاميين للأشعرى المتوفى سنة ااه
والفرق بين الفرق للبغدادى (توفى سنة 419ه)؛ والفصل فى الملل والتحل لابن حزم
الأندلسى (توفى سنة 454 ه)؛ وبيان الأديان لأبى المعالل (ألف الكتاب سنة 4/85ه)ء
والملل والنحل للشهرستانى المتوفى سنة /406ه.
)١( وهو يعد فى الحقيقة من أغنى المصادر وأوثقها رواية, وينسب هذا الكتاب لأبى محمد الحسن بن موسى النويمتى
المترفى بين سنتى 3٠٠07٠٠ ه. غير أن الباحث الإيراتى عباس إقبال فى كتايه (خماندان نويختى) أى آل الدوختى
عبدالله الأشعرى المتوقى سنة 000044 ه أحد المعاصرين للنويختى. ويعتمد إقبال فى إصدار هذا الحكم على
عدة فقرات وردت فى كتاب معرفة الرجال للكشى وغيره من الكتب منسوية إلى الأشعرى المذكور وهى مائلة
وارتفعت الشبهة التى جاء بها عباس إقبال بعد العثور على نسخة من كتاب
الفرق للأشعرى القسى فى إحدى المكنبات الخاصة فى إيران. وهى النسخة التى نشرها الدكتور محمد جواد
مشكور؛ الأستاذ بالمعلمين العليا بطهران. ويرجح ناشر الكتاب أن الأشعرى (نسبة إلى أشعر وهى قبيلة مشهورة
تلك الإضافات الى سبيت تفوق كنابه ورجحانه على كتاب النوممتى. انظر مقدمات كتاب المقالات والفرقء طبع
طهران سنة 1457م
تام لما ورد فى كتاب فرق الك
وسنسترشد بالبحوث التى قام بها بعض المستشرقين فى الموضوع من أمثال يوليوس
وغير ذلك من المصادر سنذكرها فى الحواشى.
الشيعة فى اللغة هم الأتباع والأنصارا""» ويطلق هذا اللفظ فى عرف الفقهاء
والمتكلمين على أتباع على بن أبى طالب وبنيه!"". ويرجع ابن النديم سبب هذه التسمية
يقول: شيعتى!". بينما يرى الشيعة - على اختلاف فرقهم وطوائفهم - أن نشأة التشيع
ترجع إلى عصر النبى 48 بل يذهب بعضهم إلى أن بذرة التشيع وضعت مع بذرة
(1) فى كتابه (العقيدة والشريعة فى الإسلام). ترجمه عن الألمانية محمد يوصف موسى وآخران, ونشر بالقاهرة سنة
(© فى كتابه (السيادة العربية والشيعة والإسرائيليات). ترجمه عن الفرنسية حسن إبراهيم ومحمد زكى إبراهيم؛ ونشر
بالقاهرة سنة 1474م
(4) فى المجلد الأول من موسوعته (تاريخ الأدب فى إيران). وقد نقله إلى الفارسية على باشا صالح؛ وطبع فى طهران
سنة 1776 ها ش.
(1) القاموس المحيط للفيروزايادى مادة (شاع).
(0) مقدمة ابن خلدون. طبع على عبد الواحد وافى؛ ص 87117
(8) الفهرست لابن النديم؛ ص 1118 طبع بيزج.
() أصل الشيعة وأصواء لمحمد حسين آل كاشف الغطاء. ص 4© وما بعدهاء طبع مصر.
ويمكن القول بأن التشيع بدأ بعد وفاة النبي١, عندما نشأ بين كبار الصحابة - منذ
بدأت مشكلة الخلافة - جماعة لم توافق على الطريقة التى انتخب بها الخلفاء الثلاثة
الأولء الذين لم يراع فى انتخابهم درجة قرابتهم من أسرة النبى. وقد آثرت هذه
الفرصة مواتية لتجاهر برأيها فى هذا الصدد إلا فى عهد عثمان الذى انتهج سياسة ثابتة
طيلة مدة خلافته؛ وهى تفضيل أقاربه من بنى أمية؛ فأصبحت هذه السياسة مشارا
للسخط فى كافة الأمصار الإسلامية. وأتاحت لأنصار على الفرصة لتحويل الخلافة
ورغم المظهر الدينى الذى اتخذه التشيع فى مراحله الأول إلا أنه كان ينطوى على
غرض سياسى محض!"'؛ فلم يختلف أنصار على عن سائر الأمة من حيث المعتقفدات
الدينية بوجه من الوجوه. كما كانت هذه الجماعة من أنصار على عربية خالصة لم
تحاول أن تكسب تأيد الأجداس الى خضعت للعرب ودخلت الإسلام أو تحظى
غير أن الوضع اختلف بعد مقتل على رضى الله عنه؛ فقد بدأ الشيعة فى عهد الخلافة
الشرعى الأوحد للمسلمين هو الإمام» والإمام الأول عندهم هو على؛ الذى يعده أهل
السنة والجماعة رجلا ذا فضائل جمة ومعارف غير عادية؛ دون أن يمسوا حقوق أسلافه
)١( فرق الشيعة للتريختى» ص 7ء طبع النجف.
)١( انظر (السيادة العربية) لفان فلوتن ص 68 وما بعدهاء (والعقيدة والشريعة) لجولد زسهر ص 138 أصول
الإسماعيلية لبرنارد لويس» ص 18 من الأصل الإنجليزى. وص 87 من الترجمة العربية.
(2) الأمالى لأنى على القالىه اج !ص 148-1776
غودته من حجة الوداع نزل بالجحفة عند غدير خم"' فى اليوم الثامن عشر من ذى
عليه الصلاة والسلام - فى خطبته: الستم تعلمون أنى أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا:
منذ أقدم العصور الإسلامية لتدعيم العقائد الشيعية وتبريرهال"؛ ولا سيما عقيدتهم فى
الإمامة التى تتمثل فى أعقاب النبى 48 الذين تسلسلوا من أولاد ابنته فاطمة وزوجها
على؛ فحفدة النبى هم أحق الناس بأن يعرفوا حقيقة رسالة جدهم؛ لأنهم وحدهم دون
غيرهم ورثة علم النبى 85
وللإمامة عند الشيعة أهمية عظمى؛ فهى: "من أجل الأموره بعد الرسالة؛ إذ هى
فرض من أجل فرائض الله؛ فإذن لا تقوم الفرائض ولا تقبل إلا بإمام عدل!*". والإمام
- عند الشيعة عامة - مكانه على رأس الجماعة الإسلامية حاكما وفقيهاء وقد وهب له
الله قوى روحبة فائقة تسمو به عن مستوى البشر؛ فروحه أنقى من روح الآدميين
١١ وكتاب المقالات والفرق للأشعرى القمى؛ ص :٠ 4 فرق الشيعة للنويمتى؛ ص )١(
موضع بين مكة والمدينة. )1(
3735 للمسعودى, ص 357-1385, وطبقات ابن سعد جه ص
انظر الحاشميات للكميت بن زيد السدى المتوفى سنة 173 هه ص 8ه طبع الراقعى: )4(
ونوم الدوح دوح غدير خم أبان له الولاية لو اطيعا
136 (ه) النويمتى؛ ص 8٠؛ الأشعرى القمى؛ ص
ويرون أن جثمانية هذا الجوهر ليست سوى حادث طارئ. ومن هؤلاء طائفة تعرف
والإمام عند الشيعة - فوق أنه معصوم من الخطأ بلطف من الله عز وجل - يتميز
بأنه بتوارث علمًا باطنبًا وآبات رمزية متواترة» تنتقل بالوراثة فى أسرة النبى #8 من
عندهم الفصل فى المسائل الدينية إلا برأى الإمام» ولا يكون للإجماع - وهو من
المبادئ الأربعة التى أقرتها عقائد أهل السسنة والجماعة - قيمة إلا بمساندة الإمام
وتعتقد بعض الطوائف الشيعية بخلود الإمام ورجعته ليملا الأرض عدلاً بعد أن
(سنة 17١ ه) فى المدينة عن الشيعة؛ نفهم منهاا؟! أن الفرق المعادية للشيعة أقامت
نقدها لهم فى تلك الفترة المبكرة على أساس أن آراءهم ومعتقداتهم فى (الإمام) مثل
)١( القمىء ص 10-04 ابن حزم ج4 ص 183؛ الشهرستانى؛ ج١ ص :171-17 مقدمة ابن خلدون؛ طبع
لدى الإسماعيلية فى طور مبكره عندما بشر دعاتهم بقرب رجعة الإمام الغائب. محمد بن إسماعيلء ايملاً الأرض
عدلاً بعد أن ملات جور وظلمًا. وقد سبب قيام الدولة الفاطمية فى المغرب على يد عبيد الله اللهدى - كما سترى.
فيما بعد - اضطرابًا كبير فى العقائد الإسماعيلية المتعلقة برجعة الإمام؛ بل سبب انشقاقًا فى صفوف الدعاة.
والثابت أن الإسساعيلية فى جزيرة (الرى) بإيران لم يعترفرا بالإمام الفاطمى؛ تعلقً بعقيدتهم السابقة برجعة محمد بن
إسماعيل, إلا بعد عصر معز لدين الله. الخليقة الفاطمى. وبععد موت الحاكم بأمر الله الشاطمى اعتقد بععض
(9) ونرى اللهجة نفسها فى المهجوم على معتقدات الشيعة فى كتاب أرسل به الخليفة الأموى هشام بن عبد الملك إلى