حاملين أفثدتهم على المحابر والورق » يدونون ما فتح الله عليهم من الح ؛ داحضين الباطل
الذي يتربص بالإنسان المسلم حيثيا كان +
ولقد لح بهذا الدين الافتراق » حاله حال الأديان الأخرى » كما بين ذلك البي
صل الله عليه وسلم عندما قال :3 إن بني إسرائيل تفرقت على اثتتين وسبعين ملة +
يا رسول الله ؟ قال : ما أنا عليه وأصحابي »" » وكان هذا الافتراق من ابرز العوامل
التي جعلت جسد الأمة ْ بين أطرافه الضعف والوهن » وما كان الله ليذر
المسلمين عل هذا الافتراق دون أن بي لحم من يبن لهم سواء السبيل + وبرشدهم إلى
الصراط المستقيم .
ومن هؤلاء العلماء المخلصين الصادقين ؛ علامة العراق السيد محمود شكري
الآلوسي » الذي قضى حياته في الذود عن سنة المصطفى صل الله عليه وسلم » وبيان
سبيل الحق » وقمع أهل البدع والزيغ الذين قعدوا في كل مرصد يظنون أن لحن قوهم
لاعلاء كلمة الله » فكان الآلوسي واحداً منهم » وإن ذكرناه فإنيا نذكره بفخر واعتزاز »
نسأل الله تعال أن يتقبل عمله » ويحشره مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين
صراعاً مريراً تعرض فيه لأذى المشاغبين الذين لا يميزون بين العغث والسمين » وكان
الإسلامي » خاصة مع بداية انهيار الدولة العثمانية » ومجيء جماعة ( الاتحاد والترقي ) إلى
سدة الحكم في استنبول » والتي أدت بالتالي إلى إلغاء الخلافة العثمانية وبداية سقوط هذا
البلد الإسلامي بيد العلمانيين بعد نهاية الحرب العالمية الأول +
+ 114١ أخرجه الترهذي » السنن ؛ كتاب الإييان + باب افتراق الأمة : 13/8 + رقم )١(
ولم تكن الدولة العثمانية » رغم أنها كانت الدولة التي رعت الإسلام والمسلمين مدة
تقارب الأربعة قرون ؛ لم تكن هذه الدولة بمستوى التطورات المتلاحقة في العالم » وكان.
للاتباه الصوفي الذي سلكته هذه الدولة - وحافظت عليه دون تغيير في هذه الحقبة
الطويلة من الزمن - أثرّ كبير في انبيارها ومحاربتها لكل دعوة إسلامية مخلصة من أجل
إنقاذ الأمة مما هي فيه من خرافات وبدع وجهل » بل وقفت الدولة العثمانية ضد حركات
التجديد التي ظهرت في العالم الإسلامي ؛ خاصة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في
العربية ؛ مدعومةٌ من العلماء المقلدين المتحصبين الذين وجدوا في هذه الدولة ملاذاً
آمناً لشهواتهم » فحاربوا كل جديد بدعوة المحافظة على وحدة الدولة ؛ وهم كانوا أول
من مزقها ؛ مدعين أن نصرة الأمة الإسلامية تكون في المحافظة على نهجهم والأخذ
الدول الاستعارية الطامعة في ممتلكاتها ب فهمهم وقصر نظرهم 6 ويصف
الآلوسي ذلك بقوله : « وأعظم الناس بلاء في هذا العصر عل الدين والدولة مبتدعة
عن رقص وغناء وإلتجاء إلى غير الله وعبادة مشاينهم وأعمالهم عبارة عن مسالك الحيات
والعقارب ونحو ذلك » " ؛ إن هذا الوصف الدقيق لما كان عليه مشائخ الطرق الصوفية
في البلاد العثمانية من بدع وخرافات من قبل الآلوسي نفسه يبين ما كانت تتمتع به من
رعاية من قبل الدولة العثمانية القيى شجعت هذه الطرق عن طريق المال وتوفير الدعم
المعنوي لهم » كما أنها قامت ببناء عدد من التكايا والزوايا ؛ وجعلت كلمتهم هي العليا بين
علماء البلاد كافة ؛ بل أصبحت هذه الطرق سلا لنيل المكاسب المادية والوظيفية
وكانت الدولة العثهانية قد وصلت إلى درجة عظيمة من الوهن والضعف ؛ حتى أطلق عليها
717٠/1: غاية الأماني )١(
كافة ؛ عندما انجارت الدولة العثمنية ؛ وفقد المسلمون معها قوة عسكرية وسياسية أعطتهم هيبة بين
الأمم » بل انقلبت هذه الدولة - على يد شرذمة من معتنقي الماسونية - من دولة تمثل الخلافة
الحديثة على أنقاض الدولة العثمانية سنة 1474م
في الشام والعراق » وكان للعراق خصوصية أكبر من الشام نظراً لما به من مقومات
بشرية واقتصادية ؛ فاصبح محط نظر لأطباع الطامعين وكان على رأسها الدولة الصفوية في
إيران التي كانت تتربص بالدولة العثمانية الدواثر » على اعتبار أن الدولة العثمانية هي دولة
تاريخها الطويل على مد نفوذها إل العراق من أجل الوصول إلى مراقد الأثمة في النجف
وكربلاء » والتي تمثل مركزاً روحياً كبيراً عند الشيعة الإمامية ؛ فقامت ببث الدعاة في
القرى والأرياف » فانتشر فيها بسبب الجهل كانتشار النار في الهشيم » فتحولت قرى
كاملة لعقيدة الإمامية » قال الآلوسي واصفاً : ولقد أصبح اليوم أعراق قطر
العراق » مملوّة من سم أذنابهم فلا ينجع فيه ترياق ولا ألف راق » فقد ارتد غالب القبائل
الإسلام وأهملوا ساثر الأحكام » واتخذوا بغض أثئمة الدين عباده » وصيّروا مقت
أصحاب سيد المرسلين وسيلة لنيل السعادة ؛ وقعدوا عن نصرة إمام المسلمين في الجهاد +
بل عدوا ذلك من باطل الاعتقاد ... »" ؛ وكان ذلك تحصيل حاصل للتخلف المقدغ
الذي رزخت حوله ولايات الدولة العثمانية ؛ خاصة انتشار الأمية والجهل ؛ وغياب
الدعاة من أهل السنة والجماعة بعد أن أفرغت الساحة لمشائخ الطرق الصوفية » الذين
أهملوا أمر الدعوة » ولم يكونوا يفكرون إلا بمصالحهم ومصالح مريديهم + ومحاربة
الدعوات السلفية ودعوات اسح الأخرى التي طالبت بالعودة إلى الإسلام الصافي
بعيداً عن البدع والخرافات » ولم تقف تقف الدولة العثمانية موقفاً حازماً تجاه دعاة الرفض +
)١( من مقدمة هذا الكتاب
عشر الميلادي ؛ ومن ثم تحول عامة الناس في جنوب العراق من عقيدة أهل السئة
والجماعة إلى عقيدة الشيعة الإمامية ؛ وكانت هذه الخسارة كبيرة لأهل العراق خاصة
كان لا بد للعلماء المخلصين في مثل هذه الأخطار الجسام التي أصابت جسد الأمة
أن يبينوا الحق للناس كافة ولا يكتمونه استناداً إلى قوله تعال ف لين تاس
ولم يكن هؤلاء العلماء ؛ خاصة أصحاب العقيدة السليمة » بمنأى عن التشويش
والتنفير الذي مارسه المقلدين والمقصوفة المتعصبين تجاههم » فكانوا يجاهدون بألسنتهم
وبأقلامهم على أكثر من جبهة » وفي أكثر من اتجاه . ولكن إخلاصهم وتفانيهم في سبيل
الحق » ونصرهم لكلمة الله جعلهم في الطليعة دائياً ولو كره المبطلون » فظهر عدد كبير من
العلماء الذين قاموا بتصنيف الكتب الكبيرة والرسائل الصغيرة لنصرة مذهب أهل السنة
والجماعة » ورد شبهات أهل الرفض والبدعة ؛ وفضح مكائدهم ؛ وبيان عقيدتهم للناس
كافة لكي لا يغتر بها الجهلة والسذج منهم .
وقد حاول علماء السنة في العراق الانتفاع بتجربة إخوائهم الذين سبقوهم في هذا
الميدان » وهم علماء الهند وباكستان الذين صنفوا المؤلفات الكثيرة في بيان عقيدة الإمامية
وفسادها ؛ وبيان ما هم عليه من زيغ وضلال للمسلمين في تلك البلاد وغيرها ؛ قال
الآلوسي : « وقد ألف في إبطال مذاهب هذه الفرقة السالكة طريق الردى » والفئة الزائغة
عن منهج الهدى » كتب تصدع بالحق ؛ وتنطق بالصدق وتقلع أساس الكفر من محله +
وتستأصل عرق الرفض من أصله » غير أن البعض منها فيه إطناب ممل » والبعض الآخر
فيه إيجاز ل ؟".
من مقدمة هذا الكتاب
ثم نبض علماء العراق بمهمة التأليف والتصنيف واا رجمة والاختصار لهذه المؤلفات
التي كان بعضها قد كتب بالفارسية أو بالهندية أو بالعربية ؛ وقد شارك بهذه المهمة خيرة
علماء العراق من عرب وأكراد بهذا النشاط العلمي العظيم » الذي لازال الناس ليومنا
نجل أصحابه ونترحم على من سعى لأجله ؛ فرحم الله هؤلاء العلماء ؛ وجعل علومهم
وم يقتصر عمل هؤلاء العلماء على الاختصار والترجمة بل تعداه إلى التأليف والتصنيف +
ويمكن أن نستعرض أهم هؤلاء العلماء الذين ظهروا في هذه الحقبة :
.١١ علي بن أحمد الحيتي ( كان حياً سنة 6 1ه )" : وهو من علماء العراق ؛ ونسبته إلى هيت
مدينة على الفرات » صنف لنا ( السيف البائر لرقاب الشيعة الروافض الكوافر )”+
". عبد الله بن محمد الكردي البيتوشي (ات 1771ه )" : كان أديباً نحوياً » ولد في
بيتوش من قرى الكرد في العراق » وقدم بغداد ونزل البصرة وتوفي بالأحساء » ألف كتاباً
في الرد عل الإمامية سياه : ( طريقة البصائر إلى حديقة السرائر في نظم الكبائر )" +
7. محمد أمين بن علي بن سعيد السويدي البغدادي لات 1177ه )" : كان فقيهاً
ورعاً ذا عقيدة سليمة » وقد ألف كتاباً ضخاً سماء ( الصارم الحديد في عنق صاحب
السلاسل العنيد )؛ وهو كتاب ضخم الحجم بلغت عدد لوحاته (100) لوحة" .
7/7: ترج 1 معجم المؤلفين )١(
(7) وتوجد منه أكثر من نسخة في مكتبة الآثار العامة ببغداد » الأول برقم ( 71448 ١ ) وعدد صفحاتها
3 ) صفحة » والثانية برقم ( 17717 ) وعدد صفحاتها ١١١١( ) صفحة
(©) تاريخ آداب اللغة العربية : 88/1 ؛ معجم المؤلفين :178/1
() مقدمة تختصر التحفة :عض ( يو ) .
(5) ترجته في المسك الأذفر : ص ١84 « الأعلام :41/1 +
(1) وقد حقق هذا الكتاب الضخم في الجامعة الإسلامية بالمديئة المنورة في ثلاث رسائل دكتوراه ؛ ونوقشت
في هدية العار
كلها . صب العذاب :ص 181
©. بدر الدين عثمان بن سند النجدي ( ات 1747ه )" : كان أديباً بارعاً في اللغة
سلفي الاعتقاد » نظم قصيد: الرد على الشاعر دعبل الخزاعي الرافضي سماه ( الصارم
القرضاب في الرد على من سب أكارم الأصحاب ) وهو أكثر من ألف وستيائة بيت +
© . محمود بن عبد الله شكري الآلوسي » شهاب الدين الحسيني (ات 1178ه )" : وهو من
أشهر علماء العراق » وقد أنت هذه الشهرة من تأليفه لتفسيره الشهير ( روح المعاني ) » وله مؤلفات
كثبرة غيره ؛ منها ما بخص الردود عل الروافض أكثر من مؤلف وكتاب منها ( الأجوبة العراقية على
الإمامية (١) نبج السلامة إلى مباحث الإمامية )" .
. محمود شكري الآلوسي ؛ مؤلف هذا الكتاب » وله أكثر من مؤلف ومختصر +
وستتكلم عن مؤلفاته في فقرة مستقلة .
وبعد هذا الاستعراض لمذه الكوكبة من العلماء الذين بذلوا الجهد العظيم لنصرة
هذا الدين وإزهاق الباطل » يتبين أن هذا النتاج ما كان ليظهر لولا الخطر العظيم الذي
أحدق بالأمة في تلك الأيام العصيبة من تاريخها » وفي أرض عزيزة من بلاد المسلمين +
كانت عبر تاريخها منارة من منارات الإسلام الشاخة » إلا أن كيد الأعداء كان يتربص بها +
وقد عادت في هذا العصر دولة الرفض من جديد إلى مكانها ؛ وبدأت تبث سمومها
() ينظر ترجمته عند الأثري أعلام العراق : ص 1١ وما بعدها ؛ مجلة لغة العرب : 14/7 ؛ ومقدمة الدر المتثر :
ص ٠١ ؛ الأعلام : 177/9 ؛ التفسير والمفسرون : 781/1
(©) والكتاب مطبوع في المطيعة المحمدية ؛ بغداد سئة 164 1ه .
(8) وتوجد نسخة منه في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد رقم (1/ 177/16 )
(7) كتبه ولم يتمه ؛ إذ توفي رحه الله » ثم أنمه بعد وفاته حفيده محمود شكري الآلوسي ؛ مختصر هذا الكتاب ؛ وقد
ير الله تعال لنا تحقيقه ونشره في دار الصغوة بالقاهرة »474 1ه +
عبر وسائل الإعلام الحديثة بكل أنواعها من جديد إلى الجهلة من اتباع عقيدة الإمامية في
العراق » بعد أن مر على هذه البلاد ما مر » وتعاقبت على أهلها السنوات العجاف » فبدأ
للجهلة من العوام الذين يظنون أن الحق في ما قالت شيعة فارس » لاما قال أهل الحرم +
الأرض المحرمة على أهل السنة والجماعة » فعاد كثير من أهلها رجالاً ونساءً إل الله عز
وجل » تاثبين موحدين على نهج السلف المبارك » وكاتب هذه الكلمات من بين هؤلاء
الذين أنعم الله تعالل عليهم بالعودة إلى دينه الح » بعد أن رفض أجداده دين الإسلام +
جديد دعوة السلف القائمة على التوحيد الخاص » والساثرة على نبج النبوة الذي لا
عوجاج فيه ؛ وصدق النبي صل الله عليه وسلم عندما قال على أهل الشرك : « لعل الله
مولد المؤلف وتسميته :
أبو المعالي الآلوسي" ؛ من أشهر علماء العراق في العصر الحديث » ولد في اليوم
يرم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت » فانطلقت وأنا
فقال : إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال
لتأمره بها شتت فيهم ؛ فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال : يا محمد فقال ذلك فيا شثت إن شتت أن
أطبق عليهم الأخشيين فقال النبي صل لله عليه وسلم : بل أرجو أن يخرج لقه من أصلابهم من يعبد الله
يشر به شيئا » . أخرجه البخاري » الصحيح » كتاب بدا الخلق + باب ذكر الملاتكة : 9/ +118 +
رقم 704+ مسلم الصحيح » باب الجهاد والسبر » باب ما لقي النبي © من أذى المشركين : ؟/ 148
رقم 1746
0 اختصرتها هذه الترجمة من كتاب تلميذه الأثري » أعلام العراق : ص 4 وما بعدها . وينظر ترجته في +
حب الحذاب :سن ١7
التاسع عشر من شهر رمضان سنة 717١ه في رصافة بغداد في ب ات العلم
والمجد طفل أغر استقبل الحياة بالبكاء والعويل » كأنه أحس بغيرها وآلامها فتبرم بها
وشعر بها تكن له الليالي من المصائب والأهوال » فامتعض منها وتحقق أن قد وقع في
الشرك فلا محيص له ولا مناص .
هذا الطفل هو : محمود شكري بن عبد الله بهاء الدين بن محمود شهاب الدين أي
الثناء الآلوسي » وهو المعروف بجمال الدين أبي المعالي الآلوسي » سماه أبوه بهذا الاسم +
العصور المتقدمة .
كانت العادة في المدارس الإسلامية - التي تدرس فيها علوم الدين واللسان - أن
يبدأ الناشئ بعد أن يشدو القرآن الكريم » ويتعلم الكتابة في الكتاتيب » بدراسة النحو
والصرف .. حتى إذا ما حصل على ملكة ما وميز بين المرفوع والمنصوب والمجرور كلف
أن يقرّم لسانه » ثم يقرأ فن الوضع فلمنطق فالبلاغة فالعقائد فأصول الفقه » ويعني بهذا
عنايته بالنحو والصرف .. ومن التفسير طرفاً من تفسير البيضاوي أو كشاف الزغشري »
وإذا سمت بالطالب الهمة شدا متناً في العروض والقوافي » ومتناً في الحساب وكتيباً في
الحيئة القديمة وكتيباً في الحكمة ؛ وحفظ بضع مقامات من مقامات الحريري +
ولا شك أن أبا المعالي كان له من الحظ في دراسة هذه العلوم واستظهار ما يستظهر
منها ؛ ما كان لكل طالب يختلف إلى المدارس الدينية في المساجد ؛ ومهما يكن من قلة
جدوى هذه الكتب المشوشة المشوهة وفساد هذه الطريقة التدريسية العديمة الإنتاج -
فقد كانت نافعة ( في الجملة ) في تكوين حياته العلمية لا سيا وقد كان الأستاذ الأول له
هو أبوه ذلك الأستاذ الذي لم يكن في زمنه أمكن منه في أصول الإلقاء وتقريب عويص
المسائل إلى الأذهان.
لقد أخذ أبر المعالي مبادئ العلوم اللسانية والدينية عن أبيه وجود عليه الخط بأنواعه
المستعملة لذلك العهد في العراق » وورث منه فقه النفس وحسن السمة وصفاء الطوية
وحب الأدب والعلم » ول يكد يستنفد ما عنده حتى فجع بموته وهو أحوج ما يكون إلى
أب مثله حدب عليه باربه متعهد لجسمه وعقله بالتربية والتعليم +
فكفله عمه السيد نعمان خير الدين وعني بتهذيبه وتعليمه عناية أبيه به فكان خير
عزاء عنه » فأبوه وعمه هما الأستاذان اللذان لما الأثر الأكبر في تكوين حياته العلمية
والعقلية على ما كان من الاختلاف بينهها في المذهب والمشرب » ولكن الشاب المأثر
بالعقيدة الخلفية والمتشيع بالروح الصوفية الموروثة له من أبيه وأستاذه الأول لم يستطع
ملازمة دروس عمه المستقل بعلمه وآرائه » فصرف التعصب بصره عن عمه إلى ارتياد غيره»
ولكن الروح الذي غرسه عمه فيه لم يلبث أن نما فيه وأينع +
بعد أن توسع في العلم وأطلع وتفقه في الأدب وأضطلع » فضرب بكل ما ورثه عن
أبيه عرض الحائط » أخذ يختلف بعد انصرافه عن دروس عمه إلى مشائخ بغداد ويتاب
مجالس دروسهم على سبيل التجربة ن ولم يكن يروقه منهم إلا شيخ موصلي هاجر إلى
بغداد ( وهو الشيخ إسماعيل بن مصطفى مدرس جامع صاغة ) أخذ عنه أغلب العلوم
التي ذكرناها وقد كان هذا الشيخ مقلداً محضاً كسائر شيوخ بغداد ؛ يدرس ( كتب
الجادة ) ويأتي بعبارات الشراح والمحشين كما هي عن ظهر غيب » ولا يكاد يخل بشيء ما
منها بل كان شبه أمي إذا احتاج إل إنشاء الوكالة عهد بها إلى تلميذه أبي المعالي وميزته التي
حببته إليه إنها هي المشرب الصوفي ثم قوة حافظته نادرة المثال +
تصدره للتدريس :
لم يكتف أبو المعالي بعد أن قضى زمن الدراسة با شدا من الكتب وتلقى على المشائخ
شأن طلاب العلم عندنا » بل جد به الحرص على مواصلة الدرس ومتابعة البحث وكلف
بالتاريخ والسير واللغة وزوال الكتابة التي كاد يتقلص ظلها من ربوع العراق حتى جاء
منه عالم تحرير ومؤلف ضليع الاطلاع الواسع والمادة الغزيرة والتحقيق النادر والرأي
الصائب وإليه المرجع في المشكلات وعليه المعول في الفصل والقضاء ؛ وتصدر في أثناء